حميد العقابي في ذمة الخلود

بغداد ـ الصباح الجديد:

رحل الشاعر والروائي العراقي حميد العقابي أثر إصابته بجلطة قلبية. وحميد العقابي شاعر عراقي من مواليد عام 1956 من مدينة الكوت . غادر العراق نهاية عام 1982.يقيم في الدنمارك منذ عام 1985.
من أعماله:
أقول احترس ايها الليلك عام 1986.
واقف بين يدي عام 1987.
بم التعلل عام 1988.
تضاريس الداخل عام 1992.
حديقة جورج عام 1994.
وحدي سافرت غدا ( بالدنماركية) عام 1996.
كمائن منتعظة ( ضمن كتاب « خمسة شعراء عراقيين» ) عام 1998.
أصغي إلى رمادي ( فصول من سيرة ذاتية) عام 2002.
ثمة أشياء أخرى (قصص) 2004
الفادن، عناء فحسب (ديوان شعري) 2005
الضلع (رواية) 2008
أقتفي أثري (رواية) 2009
القلادة (رواية) 2016 منشورات دار الجمل.
وقد كتب الشاعر محمد مظلوم في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك) عن العقابي قائلا:
ها أنا أفزع من نومي القلق، لأقرأ نعيك مع الفجر!
موت مع الفجر! صلاةٌ جديرة بالشعراء!
كتابة بديلاً عن الدموع المختنقة في أعماقي.
لكن…
ليس بهذه العجالة يا حميد، ليس عمر الحادية والستين موعداً نموذجياً للانصراف النهائي من العالم، ربما كان كذلك للأنبياء الذين أتمُّوا رسالتهم وحروبهم ووصاياهم، ولكنه ليس العمر المناسب لرحيل شاعر وروائي ما زال في ذروة عطائه الإبداعي ونضوجه الإنساني، وهل المنفى مكان مناسب؟ بعد أن أصبحت البلاد غير جديرة بموتنا؟ أتذكر شاعرنا «المفضل» البياتي وكأنه يصف موتَكَ وحالنا اليوم:
«يموتُ الشاعرُ منفيّاً أو منتحراً أو مجنوناً أو عبداً أو خدَّاماً في
هذي البقعُ السوداءُ وفي تلك الأقفاصِ الذهبية، حيث الشعبُ
المأخوذ العاري من حدِّ الماء إلى حدِّ الماء يموتُ ببطء تحت
سياط الإِرهاب، وحيداً، معزولاً، منبوذًا، محروماً قرب الأقفاص»
أنجزت اليوم مقالاً عن رحيل يفتشينكو، وشتان بين يساري متلوِّن، وبين نقاء ضميرك وطهارة سريرتك وسيرتك. وقدسية عزلتك وزهدك، شتان بين النقد والمرثية الصعبة.
لقد تخيلتَ في سيرتك أنَّك ستنتهي في دار للمسنين في الدانمارك وحيداً وربما مصاباً بالزهايمر!! كيف حسمت المعركة مع الخصم الأبدي قبل أوانها؟ ولماذا يحسمها قلبُك، لماذا يلاحقك العراق ليحسمها بعدما حملته في القلب حين اختفى من التاريخ والجغرافيا، وها أنت تصحبه معك إلى الأبدية محتفظاً بصورته التي غادرتها قبل أربعة عقود، ورفضت العودة لعراقٍ لا يشبهه. بعد أن عاد حسين الموزاني فقط ليدفن ماضيه هناك ويعود للمنفى من جديد ناقلاً عراقه من الجغرافيا إلى القلب، ومن هناك إلى عالم آخر.
كم كررت في حواراتنا: «اللعنة على ربيعهم الذي جعل لقاءنا صعبا في دمشق، بعد أن ضاع العراق» فأي مكان آخر سنلتقي فيه غير الأبدية التي تنتظر الجميع بابتسامة ساخرة. أكثر من سخرية زمننا «الأغبر» كما سميته!
لا أدري لماذا قلقتُ عليكَ قبل بضعة أيام فكتبت لك أسألك عن وضعك، حدثتني فعلا عن مرض «ليس مقلقاً ولكنه يتعبني جداً!» وسخرنا من أشياء كثيرة بينها الشيخوخة التي تقتربُ منَّا! لكن ليسَ إلى الحد الذي تكون معه النهاية داهمة وصاعقة بهذا الشكل. في آخر عبارة لي وأنا أودعك: قلت لك عبارة معتادة أفهمهما الآن بشكل مختلف: «أتركك الآن بسلام ونتواصل» فأجبتني في آخر عبارة أصبحت هي آخر تلويحة منك في هذا الزمان: «لك مكان واسع في القلب، مع السلامة!» وها أنت تجعل الأمكنة ضيقة أكثر فأكثر، والقلوب النقية نادرة أكثر وأكثر. فمع السلامة لروحك يا أبا دجلة ونتواصل في الأبدية!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة