في ظل قراراته غير المتوقعة
ترجمة: سناء علي
في عدة تقارير لعدد من المراقبين اشاروا فيها الى ان :» منذ اليوم الاول لتنصيبه فتح دونالد ترامب الحرب على جبهات عدة في مؤتمره الصحفي الرسمي الاول. ولم يسلم أحد من الهجوم اللاذع الذي شنه الوافد الجديد للسياسة والبيت الابيض، الصين والمكسيك والمهاجرين والمسلمين وشركات السيارات وشركات الادوية ووكالات الاستخبارات الأميركية، وحتى إدارة الرئيس السابق باراك اوباما، كلها تلقت وابلا من هجمات ترامب.»
وبينوا ان « اكثر ما يميز الرئيس الاميركي هو قراراته غير المتوقعة، الامر الذي يصعب من مهمة التنبؤ بما سوف تؤول اليه الامور في الولايات المتحدة والعالم حيث يقف الجميع في وضع الاستعداد بانتظار كل مثير. وقد استغل تعطش الشعب الاميركي للتغيير فصعد على النظام الانتخابي في البلاد، وتغريداته التي اشعلت نار العداء والخصومة بين الاميركيين انفسهم وقلبت موازين قوة وسائل الاعلام التقليدية وزادت من توقعات المستقبل بشأن نفوذ وسائل الاعلام الاجتماعي.»
كما اوضح المراقبون ان « شخصية ترامب شخصية انانية يعمل لتخليد نفسه كاسم لامع في تاريخ رؤساء بلاده، ولا يمنعه عن فعل أي شيء من اجل هذا الهدف، وهو نرجسي الى ابعد الحدود ولا يحب الا نفسه كما اكد ذلك علماء النفس في اميركا، وثمن تخليد اسمه قد يكون حرباً وربما عدة حروب، فقد قالت صحيفة هارتس الاسرائيلية ان ترامب يحتاج إلى حرب يوفق عبرها بين تناقضات شخصيته الشعبوية، وحملته الانتخابية المثيرة للجدل، التي تعهد فيها بإعادة بناء الجيش الأميركي، وفي الوقت نفسه خفض الإنفاق الحكومي. إنه يحتاج إلى حرب يحقق وعوده عبرها كي يحيي الصناعات الثقيلة، وبحسب قراءة برنامج ترامب الانتخابي وتهديداته يمكن حصر اهم الحروب التي سوف يشنها في المستقبل ب الحرب ضد المسلمين بذريعة القضاء على الارهاب الاسلامي،اذ ما انفك الرئيس يعادي المسلمين صراحة ومن دون خجل ويطالب بالقضاء الى ما يسميه «الارهاب الاسلامي»، ودشن اول خطوة من برنامجه الانتخابي بمنع مواطني سبع دول اسلامية من دخول بلاده مستثنياً منهم المسيحيين واليهود، وقد دأب مستشاره ستيف بانون على الحديث عما يقول إنه «تاريخ طويل من صراع الغرب اليهودي المسيحي مع الإسلام»
اما الحرب الثانية التي اثارها المراقبون هي « الحرب ضد الصين حيث كثيراً ما انتقد ترامب سياسات سلفه باراك اوباما تجاه الصين ووصفها بالسياسة الضعيفة، كما قال ان الصين «تتلاعب في العملة»، واتهمها بالخداع في التجارة والتكتيكات الاقتصادية، وتجاهل السياسة الأميركية الراسخة «سياسة صين واحدة»، واتصل علناً بالرئيسة التايوانية تساى إنج – وين، في خطوة أغضبت بكين كثيراً. وهذا ما عدّه مسؤول رفيع في الجيش الصيني ان الحرب مع الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل.»
والثالثة حسب رأي المراقبين هي الحرب ضد ايران، حيث اشاروا انه ربما لا يقل مستوى العداء الترامبي ضد ايران عن عدائه للصين، ويكفي انه اختار ثلاثة من ابرز اعضاء ادارته ممن يكنون عداء صريحاً تجاه طهران وهم مستشاره سيف بانون، ومستشار الامن القومي مايكل فيلين، ووزير دفاعه جون ماتيس وسارعت ادارته الى فرض عقوبات ضد ايران خارج اطار الاتفاق النووي شملت 13 شخصاً و12 كياناً ايرانياً، وتصاعدت حدة التوتر بين البلدين بالتهديدات المتبادلة.»
واضافوا ان الحرب الرابعة ستكون حرباً اقتصادية ضد الاتحاد الاوروبي،ربما يستغرب البعض من شن الولايات المتحدة حربا ضد الاتحاد الاوروبي الحليف القوي لها على ما يبدو، لكن هناك ترامب الذي قلب الموازين، لا يؤمن بالحلفاء اصلا واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تتعلق بتخفيض الضرائب بين الاتحاد الاوروبي واميركا مهددة، فضلا عن حرب العملة بين الطرفين، إذ قالت مجلة «فورين بوليسي» إن «حرب العملة» التي يشنها ترامب ضد ألمانيا يمكن أن تدمر الاتحاد الأوروبي، .»
اما خامساً فقد اشار المراقبون الى « حرب ضد المهاجرين،وهذه الجبهة كانت ساحتها الابرز الحدود المكسيكية وجدار ترامب الذي يريد بنائه على «اكتاف المكسيكيين» برغم انه يستهدفهم، واشار الى انه سوف يستغرق سنتين من اجل اكتماله وسوف تدفع المكسيك كلفة البناء بنحو او بآخر وهو ما دفع الرئيس المكسيكي الى الاعتراض بشدة والغاء زيارته للولايات المتحدة. كما يطالب ترامب بنقل مصانع السيارات من المكسيك الى داخل بلاده، وهو ما يزيد من غلة المشكلات وتصاعد حدة التوتر بين الطرفين.»
اما سادساً فهي حرب ضد الصحافة،حسب ما اشاروا اليه المراقبون , بغض النظر عن تصريحات ترامب ضد وسائل الاعلام وعدم ثقته بها، يمكن التعرف على ذلك من خلال اعتماده على موقع تويتر بنحو كبير متجاوزاً المؤسسات الإعلامية الكبرى، ومن خلال صفحته الشخصية يوجه انتقاداته اللاذعة بكل حرية ومن دون أي قيود قد تسبب اضافة او حذف على تصريحاته، واصبح تويتر ساحة صراع حقيقية لأفكاره المتطرفة.
اما سابعاً: حربه ضد الشركات الاميركية، حيث عبر ترامب بوضوح شديد في خطابه لإداء القسم باتهامه «النخب الاقتصادية لتخليها عن الحزام الحديدي (الولايات الوسطى المتشاطئة على البحيرات العظمى) والانتقال لوول ستريت». ولكن ربما تعد هذه الحرب نتيجة طبيعة ومحصلة لحروب ترامب آنفة الذكر، فالشركات الاميركية هي من اكثر المتضررين من منع المسلمين والمهاجرين من دخول البلاد، وهي كذلك تتضرر من الحرب الاقتصادية والتصعيد السياسي والعسكري ضد الصين، كما ان توتر العلاقات مع الاتحاد الاوروبي يسبب الكثير من المشكلات لدى هذه الشركات، والولايات المتحدة ليس دولة يحكمها اللوبيات السياسية والتكتلات الاقتصادية بنحو كبير ومن ثم فان تأثير الشركات الاميركية على قرار ترامب سيكون له بالغ الاثر على شرعية قراراته الحالية وقدرته على اصدار قرارات لاحقة. «
* عن صحيفة الجارديان البريطانية