مشروع مارشال عراقي

لا يمكن تصور مستقبل اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية لولا مشروع مارشال الذي اعاد بناءها من جديد، وهذا حال اليابان ايضا حينما وجه الجنرال ماك ارثر رسالته الشهيرة الى الكونغرس والتي قال في مطلعها “اعطوني خبزا او رصاصا” وحصل على الخبز أي الدعم الاقتصادي لليابان.
وفي العراق اليوم لايختلف اثنان على ان الولايات المتحدة تتحمل الجزء الاكبر من الدمار الاقتصادي والمجتمعي الذي حل بالعراق، نتيجة سوء ادارتها لفترة مابعد التغيير، ولتسبب الجيش الاميركي بالفوضى الادارية والسياسية والمجتمعية التي حصلت بعد نيسان 2003.
ولتشجيع الجيش الاميركي بقيادة الجنرال تومي فرانكس لعمليات السلب والنهب وحرق المؤسسات والمنشآت والمصانع والمستودعات العامة على مرأى ومسمع من القوات الاميركية في أكبر عملية تدمير منظمة يشهدها القرن الحالي.
وهذا ما اكدته مذكرات اغلب الجنرالات الامريكيين الذين واكبوا تلك الفترة ومنهم جي كارنر الذي مكث في الكويت ولم يتمكن من الحصول على تصريح من القائد العسكري تومي فرانكس وحين دخوله بغداد لم يجد فيها شيئا صالحا للعمل سوى بنية تحتية مدمرة.
دفع العراقيون باهظا ثمن صراع البنتاغون والخارجية في واشنطن، ولم يات رجل البنتاغون السفير بول بريمر بجديد، فقد شكل اسوأ انموذج لادارة البلدان بعد الحروب، وله الدور الاكبر في تأسيس المحاصصة، والفساد الاداري، وربما فتح الابواب امام الارهاب الدولي لدخول العراق بلا حسيب ولارقيب.
لذلك وبعد كل هذا الدمار، وهذه التضحيات التي قدمها العراقيون، وقدمتها الولايات المتحدة التي ايضا خسرت المال والرجال نتيجة التخبط وسوء الادارة، نرى ان واشنطن ملزمة اخلاقيا بالعمل على دعم ومساعدة العراق، والاستجابة للدعوة التي وجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي في مقالته المنشورة في جريدة الواشنطن بوست، والتي دعا فيها واشنطن الى المساعدة والدعم انطلاقا من اتفاقية الاطار الاستراتيجي التي وقعت عام 2008 قائلا “اننا نحتاج الى خبرة الولايات المتحدة واستثمارها في الوقت الذي نعيد فيه احياء اقتصادنا ونجدد ديموقراطيتنا انطلاقا من روح اتفاق 2008”
ثم أردف قائلا “نحن بحاجة للاستثمار الامريكي من اجل اعادة اعمار المنازل والمستشفيات والمدارس ومرافق الصرف الصحي والرقات والجسور كما يمكن الاستفادة من التقنية الاميركية في تطوير وتوسيع قطاع الاتصالات والمعرفة التكنولوجية والقطاعات الصحية”.
ملخص القول ان العراق بعد تحقيق الانتصارات الباهرة التي كان ثمنها باهظا جداً من دماء شبابه ومن اموال تنمية شعبه ومنشاته الحيوية، يقف اليوم امام مفترق طرق، اما ينهض ويتحول الى واحة ازدهار وتنمية يقود المنطقة الى الرخاء والاستقرار، او يتحول الى بؤرة للفوضى والصراعات التي تقوده والمنطقة الى نفق مظلم.
عباس عبود سالم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة