«رعب وأكشن وخيال علمي» في فيلم «الشيطان المقيم»

مهند النابلسي

الجزء الأخير (2016): أليس الجامحة و»الملكة الحمراء» الصغيرة الرائعة وجحافل الزومبي المتوحشة والفوضى القتالية الممتعة!
أليس (ميلا جوفوفيش) هي الناجية الوحيدة من بقايا الانسانية من مواجهتها المصيرية مع جحافل الزومبي المتوحشة (الموتى/الأحياء)…تتحرك الان هذه الفتاة الشقراء «الجميلة» الجامحة عائدة لموقع «الكابوس» الأصلي في راكون سيتي، حيث تتجمع هناك قوى «شركة المظلة» للهجوم الأخير على البشر المتبقين من معركة الجحيم، انه رعب وخيال علمي شيق من كتابة واخراج «باول أندرسون» (زوج ميلا جوفوفيش الحقيقي)، وبطولتها الكاسحة مع كل من ايان جلين، علي لارتر، روبي روس، ايوين ماكن ووليام ليفي…انها النسخة الأخيرة من السلسلة الطويلة القديمة، وفيها يتم خداع أليس واصدقائها من قبل المتآمر الحاذق ألبرت وسكر (شون روبرتس)، الذي ينجح بتجميع قوى»المظلة» للقيام بالهجوم الأخير على الناجين.
تبدأ القصة من أن الدكتور «جيمس ماركوس» المؤسس الأصلي لشركة المظلة، كان له ابنة صغيرة تحتضر من الشيخوخة المبكرة، وقد وقع اتفاقا مع الدكتور «تشارلز أشفورد» على اعتماد «الفيروس تي» (المصنع مخبريا) كوسيلة علاجية لكافة الأمراض، وعندما رفض ايزاك (ألبرت ويسكر) استخدام هذا الفيروس لأغراض عسكرية خاصة، تم الايعاز بالتخلص منه.
تخبر الملكة الحمراء (الطفلة ايفر جابو، وهي ابنة ميلا ذات التسع سنوات) بأنه يتوجب عليها العودة سريعا لمدينة «راكون» خلال 48 ساعة، حيث نجحت منظمة «المظلة» بتطوير «أنتي فايروس هوائي» قادر على قتل كافة الأحياء/الأموات المصابين بفيروس «تي» لضمان نجاة البشرية…وفي الطريق يأسرها «د.اسحق» (ايان غلين)، ويخبرها ساخرا بأنها سبق وقتلت مستنسخا عنه، ثم يربطها بعربة مصفحة كبيرة لتركض مهرولة وتتبعها «جحافل الزومبي» للقضاء عليها، ولكنها تنجح بمهاراتها «القتالية- البهلوانية» من الاستيلاء على دراجة نارية محمولة لتصل بسرعة لمشارف مدينة «راكون» المدمرة…لتنتقل الى ما يسمى» جحر الأرنب» الذي هو بمثابة خلية سرية تحتوي على ترياق لعلاج الفيروسات القاتلة، التي حولت معظم سكان العالم لزومبي متوحشين (الأحياء/الأموات)، ثم نسمع خطابا شوفينيا لايزاك المصاب بجنون العظمة يبلغنا فيه بأنه عازم على تطهير المعمورة من بقايا الجنس البشري من اجل التمهيد لحكم أقلية مختارة، مبررا ذلك بتهديدات الارهاب العالمي المتزايد والتلوث والمجاعات والازدحام السكاني والآثار الاجتماعية المرعبة المترتبة على ذلك!
تفوقت «جوفوفيش» هنا على كل من «كيت بيكنسيل» في «العالم السفلي» وكذلك ربما على «سيغورني ويفر» المبدعة في فيلم «الغرباء»، حيث انعكست ملامح شخصيتها في وجهها الذي تحلى بالنبل والمعاناة والعزلة والغموض كما الحزم والصبر، هذا الفيلم مسلي لحد بعيد بحيث يمكن ان يشاهده المرء أثناء ركوبه الطائرة ثم ينساه كليا، انه كذلك فيلم «تدريبي» نموذجي لمثل هذا النوع المدمج من أفلام الرعب والأكشن والخيال العلمي، فلا يحتاج المرء فيه لسماع السرد اللغوي والحوار المعهود، كما أنه مخصص تماما للنجمة «جوجو فيش» ولا يمكن تخيل ممثلة اخرى في هذا الدور الصاخب المليء بالحركة البهلوانية الرشيقة ببعده البطولي المزمن لانقاذ كوكبنا البائس حقا من مصيره الجحيمي المتوقع.
الشريط يعتبر استنساخا انسانيا متقنا ومعبرا للعبة الفيديو الشهيرة، وهو كذلك يظهر مهارات «أليس» الخارقة في القتال والحركة بمواجهة شتى الأعداء المتربصين من قتلة وزومبي وتنين محلق وكائنات كلبية وحشية شنيعة…نعود ثانية لمدينة الراكون المدمرة وخليتها المركزية، ومع وجود ما يقل عن 5000 شخص فقط متبقين على وجه المعمورة، وهم يلاحقون بضراوة من قبل جحافل الزومبي المصابين بفيروس «تي»، والصراع المحتدم للوصول اولا لكبسولة مكافحة الفيروسات المخبأة في أحشاء «الخلية» (التي تقع في الجزء السفلي من فوهة بركان)، والتي هي بمثابة الأمل الوحيد لانقاذ الجنس البشري خلال 48 ساعة فقط، وذلك قبل أن تهجم جحافل الزومبي الهائجة والجائعة وتقضي على البشر المتبقين، وتبقى «أليس» الوحيدة القادرة على انقاذ العالم، حيث يتم بعد دخولهم لانبوبة الهواء الضخمة المؤدية للخلية، تنشيط الكهرباء وتشغيل المراوح الهائلة التي تولد ضغطا سالبا كبيرا يؤدي لسحق احدهم، ثم ينجحون بزرع قنبلة داخل الخلية، وتتزاحم الأحداث في المشاهد الأخيرة المتلاحقة، فتفجر أليس قنبلة يدوية في جيب «ايزاك» مما يحدث انفجارا كبيرا، حيث تسترد أليس «كبسولة مكافحة الفيروسات» المطلوبة، وتطلقها في الوقت الملائم لتقضي على جحافل الزومبي المهاجمة، ويتزامن ذلك مع انفجار الخلية وقتل من بداخلها… لقد أبدعت الوجوه الجديدة: ايان غلين، علي لارتر، وشون روبرتس بأدوارها، ولكنه بقت بالحق ضائعة تدور في فلك البطلة الرئيسية المثيرة للانتباه والاعجاب، كما نجح المخرج الفنان من «تغييب العقل والمنطق» ببراعة، فبقينا منشدين بغرائزنا الفضولية لمشاهدة الأحداث المتلاحقة والحابسة للأنفاس، كما زاوج ببراعة ما بين لعبة الفيديو والملاحقات الضارية للاستيلاء على»كبسولة الفيروسات العلاجية» في رعب حركي شيق لما يقرب الساعتين، وكما استهل الشريط بمشاهد التنين الوحشي وهو يلاحق نجمتنا فقد اختتمت المشاهد بتنين آخر يلاحق بطلتنا ليخفق بالقضاء عليها على مشارف ناطحات السحاب المتداعية في مدينة «الراكون».
أبدع الممثل «شون روبرتس» بدور «ألبرت ويسكر» القاتل البارد النموذجي اللامبالي، ونراه يسحق ساقه وينزف ولايبالي فيستمر بالصراع مبلغا «أليس» بأنها مجرد استنساخ متقن لأليس الحقيقية، ثم يتبدد بؤسها وحزنها في آخر الشريط عندما تزودها «الملكة الحمراء الصغيرة» بذاكرة جديدة حية لتحفيزها من جديد للقيام بمهامها البطولية المزمنة …ولكن الفيلم لا يغفل أن يلقي علينا محاضرة قصيرة مجازية تتحدث عن «فساد» رجال الأعمال المعهود وتقصيرهم ولامبالتهم وأنانيتهم تجاه مشاكل العالم المتضخمة، وبالرغم من حماس المخرج ونجمته المفضلة الا أن الفيلم يفتقد للطاقة والزخم والمبررات المنطقية الأصلية في المواجهات الحاسمة، حيث سادت شحنة كبيرة من الغضب والفوضى والارتجال مع الحد القليل للرؤيا الخلاقة، كما تفاوتت أراء النقاد ما بين الضعيف والمتوسط، الا اني رأيت فيه كما كبيرا من التسلية والفوضى والتشويق المشهدي والفذلكات التأثيرية المدهشة!
Alnabulsi.muhannad5@gmail.com

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة