في ظلّ تعزيزه لشعار «هوية الرجل الأبيض»
ترجمة: سناء علي
في تقرير للكاتب « بيل سميث « تم نشره على التايمز الاميركية اشار فيه الى ان « التفسيرات لفوز ترامب بالانتخابات الرئاسية تتعدد وتتباين معانيها للقطاعات الاجتماعية المختلفة في اميركا، كونه يعزز «هوية الرجل الابيض» وامتداداته في الهيمنة والسيطرة؛ وبدرجة اشد على المستوى العالمي برمته لما اثار صعوده من مخاوف وهواجس لانتعاش النزعات العنصرية وارتباطها بحدود ادراكه بأن القضايا العالمية الراهنة لا تستقيم للمعادلة الثنائية، «نحن وهُم.»
واضاف ان « من اهم خصائص ترامب نزوعه الشديد لتسطيح القضايا وعزوفه عن استنباط حلول معقدة وناجعة، واستعداده الدائم للمعادلات الثنائية المبسطة. شعار ترامب سالف الذكر لا يشكل سياسة مترابطة بأي مقياس معتمد، حاول «توضيحه» بأنه «سيكون الموضوع الرئيس المهيمن لادارتي» المقبلة.»
كما بين سميث ان « شعار ترامب يعني «ترسخ العداء للقطاعات الاجتماعية غير المتجانسة مع نسقه وبرامجه، وصعود قوي للمشاعر الوطنية الضيقة،» ويعكس حالة مقلقة لاستيعاب التطورات العالمية وتهديد سياسات الانفتاح والترابط جسدها سريعًا ترامب في قرارات «لبناء جدار عازل مع المكسيك، حظر دخول ضحايا الحروب والارهاب من المسلمين،” والتخلي عن ركيزة السياسة الاميركية بصين واحدة.»
كما بين ان « لجوء ترامب لاستعمال حقه الرئاسي في اصدار قرارات نافذة كان سريعاً ومنذ اليوم الاول، في تباين واضح مع خطابه السياسي الانتخابي وتحذيره سابقاً من الرئيس اوباما من «مخاطر استبداد البيت الابيض اتخاذ سياسات من دون (المرور على) الكونغرس.» بل ينقل المقربون من ترامب انه في اسبوعه الاول «لم يبذل الا جهداً ضئيلا لاستشارة الهيئات الحكومية» التي وضعها ضمن دائرة استهدافه. واضافوا ان «طواقم موظفي البيت الابيض لا يعلمون بمحتويات القرارات الرئاسية،» التي يعتقد انها صيغت من قبل مستشاريْه المقربيْن، ستيف بانون وستيفن ميللر، اللذين اعدا خطاب ترامب الرئاسي المثير للجدل,ومن ضمن قرارات ترامب الرئاسية في اسبوعه الاول في البيت الابيض كان قراره بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهاديء، وتسليطه الاضواء على ما يعتقده من «هجوم الصين الاقتصادي على فرص العمل والثروة الاميركية.» ووعد ايضًا بتمزيق اتفاقية التجارة في اميركا الشمالية، نافتا، في المدى القريب، واستبدالها ربما باتفاقية جديدة سيتم التفاوض بشأنها مع كل من كندا والمكسيك.»
اما في مسألة تحقيق السلم العالمي، التي عوّل البعض على ترامب وميله لتعديل سياسات اميركا بالهيمنة وبسط النفوذ اشار سميث الى ان « ترامب شن حملة عدائية على «حلفاء الولايات المتحدة،» الاوروبيين على قاعدة تحفظهم في زيادة الانفاقات العسكرية والمساهمة بنسبة اعلى في تحمل اعباء حلف الناتو، متعهداً «بإعادة بناء القوات المسلحة الاميركية،» ورفع سقف الدين العام والذي ستكون وزارة الدفاع اول المستفيدين من الاموال الاضافية.»
وبين ايضاً ان « اول الزائرين للبيت الابيض من القادة الاجانب ستكون رئيسة وزراء بريطانيا، تريزا ماي، لترتيب المرحلة المقبلة من العلاقات الثنائية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي؛ ونوّه ترامب الى عقد اتفاقية تبادل تجاري جديدة مع ضيفته للحد من أي تداعيات سلبية جراء خروج بلادها-بريكست.»
واوضح ايضا ان « العلاقة التجارية مع الصين اشد تعقيداً من غيرها، ليس لعدم توقيعها على اتفاقية «تي بي بي» (عبر المحيط الهاديء) فحسب، بل صعدت الصين بسياساتها لتحتل مرتبة متقدمة في الاقتصاد العالمي وعدت «المصدر الاساس لنمو الاقتصاد العالمي» لوقت قريب. ابرمت الاتفاقية عام 2015 بتوقيع 12 دولة باستثناء الصين , كما ان اعلان ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية، «نافتا،» يداعب غرائز قيادات نافذة في الحزبين لخشيتها من تفشي ارتفاع معدلات البطالة وهجرة المصانع الاميركية خارجها، كما تقتضي ضوابط «تحرير التجارة.» عدّ الرئيس الاسبق كلينتون اتفاقية «نافتا» من ابرز انجازات ادارته نظرًا للتسهيلات التي توفرها للاستراتيجية الاميركية الكونية ونيتها لاستقطاب الاقتصاديات الاسيوية النامية تحت مظلتها.»
واوضح في تقريره ايضاً ان « احجام الصين عن الانضمام للاتفاقية الموقعة اثار موجة اعتراضات اميركية استغلها ترامب وفريقه للتنديد بها والزعم انها المستفيد الاول، في سياق مزاعم اخرى بإصراره على ان الغاء الاتفاقية «سيجلب فرص عمل اضافية للولايات المتحدة.» الواقع يشير الى حقائق مغايرة، منها ان الدول الموقعة عقدت سلسلة لقاءات بهدف استقطاب الصين لدخول الاتفاقية , كما ان برامج ترامب الاقتصادية التي قدمها ابان السباق الانتخابي تنافي السياسات الاميركية السابقة بالانفتاح وقيادة التوجه الاقتصادي العالمي، كما يردد باستمرار، اذ يسعى بفعلته «لإعلان حرب ضد منظومة التجارة الدولية،» واشهار نظام حمائي للمنتجات الاميركية، التي يتلقى معظم اصحابها دعماً حكومياً ثابتاً خاصة في المنتجات الزراعية المتعددة.»
وبين سميث ان « ترامب يتهيأ لتسليط الضوء على تعديل او الغاء اتفاقية التجارة الحرة، نافتا، المعقودة مع كندا والمكسيك، بعد نجاحه في الغاء الاتفاقية الدولية، تي بي بي، من دون ادنى اعتراض او مقاومة , ومن سخريات المرحلة الراهنة ان يقدم رئيس اكبر دولة رأسمالية في العالم على سن تدابير لتقييد «التجارة الحرة،» مقابل سعي الرئيس الصيني، السكرتير العام للحزب الشيوعي الحاكم، مطالبة المجتمع الدولي تعزيز الانفتاح والتبادل التجاري، كما نقل عنه في مؤتمر دافوس الاخير.»
* عن صحيفة الواشنطن تايمز الاميركية