“المالكي أنموذجاً”

المثاليات هي أجمل ما مر بين أروقة الكلام…

وهي الأصح إن تم الإيمان بها حتى لو لم نستطع أن نصل الى مراتبها. فكرة أن نلغي السامي من المراتب الأخلاقية العالية لأننا فقط نعجز عن وصول أو تلمس أطرافها فكرة بحد ذاتها محبطة وتدل على ضخامة ما وصلنا اليه من الانغماس في هوى النفس حتى صرنا نعادي كل ما يقال عن سير الصالحين من أبناء هذا العالم الطويل وارتبطت الكلمة الطيبة بالأفلاطونيات وما درسناه في الابتدائية من المناهج الأخلاقية والأسرية التي صارت موشومة في المخيلة على أنها “بطر” أو حبر على ورق، وهذه نتيجة طبيعة جداً لما كابدناه من مواقف أكدت لنا حقيقة أن الأخلاق الحسنة هي ليست من صفة العربي ولا المسلم حتى زاد جلد الذات فينا لنصل إلى مرآة تشوه كل الوجوه المزدحمة في أراضينا، لكن لنقف وقفة صمت…

حاول أن تسكب على روحك السكون وتتجرد من كل ما أنت عليه من أفكار مرهقة وابتسم، فعندما يسكن الماء سيعكس الصورة الحقيقية على عكس هيجانه الذي يبث صورة بعيده تماما عن ماهية الأشياء… 

حاول أن تتخيل معي الأن أنك انسان لا تلعن ولا تسب ولا تعير لنفسك اهتماما لدرجة أنك قد تصفح عن من يسيء اليك في لحظة الإساءة نفسها.

دقق في وجهك أكثر لتراه يقابل الإساءة بالإحسان فإن اعتدى عليك جارك قابلته بابتسامة وستتفق معي بأنها شاهقة الصعوبة فإن إعترفت بصعوبتها يعني أنك إعترفت بأنها تحدٍ، وإن آمنت بأنها كذلك فستتأكد أنها تحدٍ للنفس الأمارة بالأنا واعلم هنا أنك تستحق أن تخوض مثل هذا النوع المعطر من التحديات لأنك تستحق أن تسامح وأن ترنو إلى الليل مطمئناً شاعراً ولو لليلة أن لك هبة ملائكية قد حرم منها الأغلبية.

لن يكون أمتع من أن يصبح يومك خالياً من السباب والشتائم والتهكم على الآخرين وياللذة أن تخوض تجربة يومٍ واحدٍ فقط فارغ من النميمة.

مادرسناه في طفولتنا كان يتضمن آداب الكلام ،آداب الطعام وآداب الطريق فهل حاولت أن تعرف أين أنت الأن من ذلك؟

إن كنت تتفق معي أن طفولتك كانت أكثر أدباً من حاضرك فإنك بالنتيجة تتفق معي على ضرورة الرجوع الى الخلف خطوة تتأمل فيها نفسك، وتحسب فيها عدد التعليقات الالكترونية التي أسأت بها إلى شخصٍ لا تعرفه وكم ظلمت أمهات شريفات عفيفات بحجة أن أولادهن لا يروقون لك، أو أختلفت معهم سياسياً أو دينياً!!!

شخصياً أنا من الأشخاص الذين لا يؤيدون نوري المالكي ولا يتقبلون شخصه لكني أرفض تماماً أن ينهال عليه أعداؤه بشتم والدته أو أهله أو حتى التنكيل لفظيا بكل من يؤيده وهذا هو موقفي مع كل السياسيين وشيوخ الفتنة ومن أختلف معه في كل زوايا الحياة لأنني عندما أرضى أن تشتم أمامي إمرأة غائبة وأناس لا أعرفهم يعني أني أرضى على نفسي أن أُشتم من غريب بأهلي وبسمعتي.

عارض مثلما شئت واطرح أفكارك بكل حرية لكن بعيدا عن الدونية بالتعبير لأن هذا الانحدار يعني أنك وافقت لا إرادياً أن تكون خارج سرب المحترمين.

قوة الحب أعتى قوة يمكنك أن تستعين بها فهي تذيب جليد الهموم وتزيح دمامل القلوب وتلون أقدارك بطريقة سحرية!!

وإن شعرت أن متع الدنيا لم تعد تعطي مفعولها الأول فاعلم أنك بحاجة إلى تجربة الأخلاق الحميدة.

ابتسم فإن الله معنا…

* شهد الراوي

التعليقات مغلقة