بيكاربيدات (1)

عاصم الرفاعي

تريثتُ كثيراً
وأنا في الطريقِ إليكَ
بعد أن شاخَ حصاني
وشاخَت العربة
تريثتُ كي أنسى ارتحالي
وما يُذكرني بالطريق
وبالرحلةِ المتعِبة
تريثتُ قليلاً هنا
كي أستريحَ كثيراً هناك
بعيداً عن مضاربِ أهلي القدامى
قريباً
مما يسمونهُ
بتخومِ أمواتٍ أحبة
**
حينَ غادرني الله
قلتُ صحا جسدي
على شهوةٍ ميتة
فلماذا تراودني زليخا
وأشباه زليخة
على جسدي المتعب- الميتِ
إني أخافُ على جسدي
من ميتةٍ ثانية
أخافُ عليَّ من أشباحٍ تراودني
على روحي
تريدها طعماً على طبقٍ
للسيدِ الشبح المسمى باسمي
وصورتهُ في الهوية صورتي
صوتُهُ صوتي
وايقاع خطاه في التيهِ
كإيقاع خطاي
وهي تسعى الى الهاوية
حين غادرني الله
صحوتُ على جُثتي
وهي تستيقظ في موتها
فصرخت ثم ماذا بعد هذا
يا الهي ألا يكفي
***
أنا لا أصالح
مثل ما قال بن دنقل
لا أصالح
ولو قلدوني الذهب
أنا لا أساوم
مثل ما قال بن قاسم
لا أساوم
أنا لا شأن لي
بمن قال آه في تيبازا
قبل أن يعبر الوادي الكبير
لا شأن لي
بمن قال
لي ولكم
تختمر الارضُ على زهرة
ثم لا شأن لي أيضاً
بمن قال
«گطان چني طحت
ما بين عچلة فال
واحد للآخر يگله
ها ولك نوحه»
كذلك لا شأن لي
بالصغائر والكبائر
لا شأن لي
بالصاعدات وبالنازلات
لا شأن لي بالخليق
ومن خلق الخليقة
لا شأن لي حتى بذاتي
****
بعنا الذي لا يُباع
بعنا شارعاً
كي نشتري رصيفاً
بعنا الذي لا يُشترى
بعنا قميصاً وكتاباً
بعنا ركاباً وعناناً
برغيف
بعنا الذي لا يُباع ولا يُشترى
بعنا ربيعاً بخريف
بعنا الذي بعنا
بعنا الوجاهة
ماءَ الوجه
بعنا النصاعة بالسواد
والحقيقة بالخرافة
بعنا جراحاً
كي نشتري هذا النزيف

بيكاربيدات (2)

كثيراً
ما قيل لي وداعاً
فمتى
سأقول وداعاً
لمن قال
وداعا أيتها الأبدية
كثيراً
ما قيل لي ما لا يُقال
عن زائلٍٍ
وعن
ما سيبقى
يتحدّى الزوال
كثيراً
ما حدثني
مَن كان يدعي
بأنه شيطان
ومن كان يدّعي
بانه نبي
عن أفق
سيظهر فيه نجم أسود
سيسدلُ الستارة
على كل شيء
سيمحو التواريخَ والأزمنة
ويعلن أن لا بدءَ
ولا نهاية
وأن الخليقة
محضُ كذبة
كثيراً
ما كنا على مضضٍ
نشاطرُ الربَّ
كذبة التكوين والخلق
ونغضُ طرفاً
عن المعجزة
كثيراً
ما كان يحلو لنا
أن نُديرَ العجيزةَ
للقابلة
كأنّا لم نلد
ولم نولد
ولم نقل للرب
شكراً
على هذه
المهزلة
**
قال لا
قلت بلى
قال أنت الجليد
قلت أنت
المصطلى
قال بماذا تشكُّ
قلت وماذا
تجلّى
قال أي المكانين أبعد
قلتُ وأيَّ المكانين
أدنى
قال المصلى
قلتُ لا
قال بلى
قال من أنتَ
قلتُ كما قال حلاج
أنت
ثم لا فرق بين حلاج
وبيني
الا بالتقوى
قال
كلاكما ضائع
كلاكما صائع
كلاكما
ابن شكوى
***
آية
قلتُ آية
وماذا تقول
هذه الآية
تقولُ آيتي
باسم صوتِكَ
ابدأ آيتي
وباسم سكوتِكَ
تنتهي الآية
ومن أنت حتى تقول
باسم صوتي وسكوتي آية
أنا
حرفك المنسي في كلمة
أنا
جملتك الاعتراضية
أنا
ظلك يمشي معي
وأنت ظلُّك يصرخ بي
إياك إياك
أن تمشي وإياي
إياك
أن تكتب في الطريق
الى حيث أنتَ
وحيث أنا
آية
****
قدري أحمقُ مثلي
وأنا وإياه
نحسدُ الناس على أقدارِها
كلانا
هو
وأنا
بلا تميمةًٍ
بلا تعويذةٍ
ضد الزمن
قدري
بعض الشيء يُشبهني
القليل من ملامحي على ظهرهِ
كالوشم على عجيزةِ العاهرة
كمستعمرة للفطر عند فتى
على كيس الصفن
قدري
حيمن عاقل
يجيد السباحة باتجاه
بويضة
اسمها قصيدة
يجيدُ اصطيادَها
قبل أن
يصطادها العفن
*****
أنا لستُ بن لقمان
لذا أكره الحكمة
أنا نطفة في رحم أمي
انا لست يوسف في الحسنِ
ولا ألواح عندي
لأصنع لكم
اذا ما جاءكم طوفان
شبه سفينة
لكي تسمونني نوحاً
أنا بن اسراري
واستكره البوح
أنا لست
بحاجة
لرسالة تأتي اليَّ من السماء
ليقال عني
بأني نبي
وبأنني مهووس
أو ممسوس
بكتابة نصٍّ
ولو قليلاً
يشبه الآية
أنا لست بحاجةٍ
لأكتب ما يشبه
التوراة والانجيل
أنا بمسيس احتياجٍ
وحاجة
أن أمزجَ الله بالخمر
وأقولُ لسقراط
هذا هو يا سقراط كأسي
خال من السمِّ
إلا
من سمِّ خليقةٍ
ومن خلق الخليقة
سأرفعُ الكأسَ
أعبّها صارخاً
بصحتِكَ
يا سقراط

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة