جواد البشيتي*
وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي أعلن أنَّ ثمَّة أدلَّة على وجود خُطَط لدى «داعش» لمهاجمة إيران؛ وكانت طهران قد أعلنت إلقاءها القبض على أفغانيين وباكستانيين كانوا في طريقهم إلى العراق للانضمام إلى «داعش». ونَنْتَظِر الآن تعزيزاً للوجود البحري الحربي الروسي في المياه الإقليمية السورية، وفي ميناء طرطوس على وجه الخصوص.
ومع ابتناء الولايات المتحدة لـ «تَحالُفٍ دوليٍّ» لحربٍ جديدةٍ شاملةٍ على «داعش»، تتولَّى هي قيادتها، قد نَسْمَع خبراً مفاده أنَّ «داعش» قد ضَرَبَ في إيران، التي يَحِقُّ لها، عندئذٍ، وبصفة كونها «المُعْتَدى عليه»، إرهابياً، أنْ تُدافِع عن نفسها، وتدرأ عنها مَخاطِر إرهاب «داعش» في الطريقة التي تَجِدها مناسبة.
إيران (والحقُّ يُقال!) قد تَعاوَنَت، «حتى الآن»، و»في طريقتها الخاصة»، مع الولايات المتحدة في حربها على «العدوِّ المشتَرَك («داعش»)»، في العراق؛ لكنَّ طهران، وعلى الرغم من العواقِب المحتملة لسَوْء الحالة الصحية لخامنئي، لا تَعْرف «المجَّانية» في «المعونة» التي تُقدِّمها إلى الولايات المتحدة، والتي قد نَقِف فيها على بعضٍ من معاني «التَّعاون»؛ أمَّا «روسيا بوتين»، المتَّهَمَة غربياً بـ «إعادة رسم الخرائط في أوروبا بقوَّة السِّلاح»، والمتورِّطة في «حربٍ باردةٍ (شرعت تَسْخُن)» معه في أوكرانيا، والنَّاقِمة عليه لتماديه في فَرْض العقوبات عليها، فتَنْتَظِر «الفرصة الملائمة»؛ فَلِمَ لا «تُنافِس» الولايات المتحدة في الحرب على «الشيطان الرجيم نفسه»، أيْ «داعش»؟!
لِمَ لا تُمارِس «الحق نفسه»، وتُحارِب «داعش» في الطريقة نفسها؟!
نظرياً (في المقام الأوَّل) وعملياً (في المقام الثاني) تستطيع روسيا، ويحقُّ لها، أنْ تبتني «تحالفاً دولياً» خاصَّاً بها، وتقوده هي، في «الحرب المقدَّسة» على «داعش»، في سورية، وفي معقلها في «الرقة»؛ فهي والولايات المتحدة تتقاسمان «الشرعية الدولية نفسها»، وهي قرار مجلس الأمن الدولي الذي يَدْعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مَنْع السلاح والمال عن «داعش» الإرهابي، الذي يتهدَّد الأمن والاستقرار الإقليميين، وقد يتهدَّد الأمن والاستقرار الدوليين؛ ولم يَصْدُر عن المجلس نفسه أي قرار «يُشَرْعِن (دولياً)» حرب «التحالف الدولي»، الذي تقوده الولايات المتحدة، على «داعش».
ومِنْ طَلَبٍ تتقدَّم به حكومة بشار الأسد (التي ما زالت تمثِّل الدولة السورية في الأمم المتحدة) تستطيع روسيا أنْ تستمدَّ «شرعية أخرى» لشنِّها حرباً خاصَّة بها (وبتحالفها الدولي) على «داعش» السوري، وإنْ كان في مقدور الولايات المتحدة أنْ تقول: شتَّان ما بين الحكومة العراقية الجديدة «التي تُمثِّل العراقيين جميعاً» والحكومة السورية التي لا تُمثِّل إلاَّ جزءاً من السوريين.
وإذا كان «جيش أوباما الجوِّي» قد وَجَد له جيشاً محلياً (عراقياً) على الأرض (في مقدَّمه «البيشمركة») لـ «ملء الفراغ»، أيْ للسيطرة على المواقع والمناطق، التي يُرْغَم «داعش» على تَرْكها بسبب الضربات الجوية، فإنَّ «جيش بوتين الجوِّي (أو البحري)» لديه الآن «جيش بشار (وحلفائه الإقليميين)»، الذي ينبغي له أنْ يُسْرِع في «ملء الفراغ» في «الرقة»، وغيرها، وإلاَّ اغْتَنَم «الجيش الحر» هذه «الفرصة الروسية».
ويستطيع بوتين أنْ يُخاطِب أوباما قائلاً: لقد عَرَض عليكم الرَّجُل (أيْ بشار) خدماته في الحرب على «داعش» الإرهابي، وقَبِلَ أنْ يكون «جندياً بَرِّيَّاً» في حربكم؛ لكنَّكم أَبَيْتُم واستكبرتم؛ وعليه، لا يحقُّ لكم لومه إذا ما اضطُّرَ إلى استعمال «دفاعاته الجوية القوية»، وإلى أنْ يملأ هو الفراغ (في «الرقة» وغيرها) إذا ما تَوسَّعْتُم سوريَّاً في حربكم على «داعش»، أو إذا ما ارتضى أنْ يكون «جندياً بَرِّيَّاً» في حربنا نحن على «داعش» السوري؛ فلكم «داعش» العراقي، ولنا «داعش» السوري؛ ولا تنسوا أنَّ لدينا من الحلفاء الإقليميين ما يكفي لجَعْل حربكم على «داعش» العراقي أشدُّ صعوبة.
*ينشر بالاتفاق مع جريدة الأيام الفلسطينية