التحالف الوطني يسابق الوقت لحسم خياره قبل جلسة البرلمان
بغداد ـ داود العلي:
سبعة أسماء يتداولها الوسط السياسي العراقي، ومعه الصحافة المحلية والأجنبية، مرشحة بحظوظ مختلفة، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية الجديدة.
ودعت رئاسة الجمهورية، الخميس 26 يونيو 2014، البرلمان الجديد إلى عقد جلسته الأولى، في 1 تموز/ يونيو المقبل، بحسب بيان لخضير الخزاعي، نائب رئيس الجمهورية.
وتشير الدعوة «الرسمية» للخزاعي، إلى وجود اتفاق أولي بشأن المناصب السيادية، يجب أن يكتمل قبل موعد انعقاد الجلسة الأولى.
ولم تكشف الكتل السياسية المعنية، عن هوية مرشحيها للرئاسات الثلاث، خصوصاً مجلس الوزراء.
لكن هناك سبعة أسماء جرى تداولها على أنها مرشحة لمنصب رئيس الحكومة، الذي اعتبر «مفتاح الحل» مع اشتداد الأزمة الأمنية التي خلفها سقوط مدن سنية بيد مسلحي «داعش»، شمال وغرب البلاد.
والمرشحون السبعة هم:
نوري المالكي
هو نوري كامل محمد حسن المالكي، ولد في 20 حزيران/ يونيو 1950، حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية أصول الدين في بغداد، وشهادة الماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في أربيل.
أنضم المالكي إلى حزب الدعوة في عام 1970، وفي عام 1980 أصدر صدام حسين قرارا حظر بموجبه حزب الدعوة فأصبح أعضاؤه مهددين بالإعدام، ما حدا بالمالكي والعديد من أعضاء الحزب إلى الفرار خارج البلاد.
لجأ المالكي إلى سوريا التي بقي فيها حتى عام 1982، ثم انتقل إلى إيران، إلا انه عاد إلى سوريا، وبعد ذلك انقسم حزب الدعوة إلى جناحين أحدهما مؤيد لإيران، والآخر رفض الانضمام إلى الجيش الإيراني لمقاتلة الجيش العراقي خلال الحرب بين البلدين، وفي هذه الفترة فضل المالكي البقاء في سوريا.
أنتخب المالكي لتشكيل أول حكومة دائمة منتخبة في آيار/ مايو 2006، بعد أن تخلى إبراهيم الجعفري، رئيس الحكومة السابق عن ترشحه للمنصب إثر معارضة شديدة من الكتل السنية والكردية.
وتسلم المالكي منصبه في ذروة أعمال العنف، وانتشار الجماعات المسلحة الشيعية والسنية، لكنه أطلق عام 2007 خطة أمنية عُرفت باسم «فرض القانون»، استهدفت فصائل مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة، وميليشيا جيش المهدي، التابعة لمقتدى الصدر قبل أن يعلن تجميدها في عام 2008.
تمكن المالكي من الحصول على ولاية ثانية في 2010، بعد صراع قانوني وسياسي شديد مع كتلة «العراقية» بزعامة إياد علاوي، بشأن الكتلة البرلمانية الأكبر.
لكن ولايته الثانية شهدت أزمات سياسية حادة، فسرها سياسيون سنة بأنها مفتعلة بهدف إقصائهم وتهميشهم.
وواجه المالكي أصعب امتحان حين نضم السنة المناهضون للحكومة المركزية، تظاهرات في محافظات سنية تركزت في مدينة الرمادي.
ورفض المالكي تلبية مطالب المتظاهرين، ويبدو أنه وجد فيها ما يمثل انقلاباً سنياً على العملية السياسية، خلافاً لما يقوله مراقبون بأنها «لحظة غضب سني من نهج الحكومة».
ويعارض سياسيون نهج المالكي السياسي، وفقدانه القدرة على ابتكار تسويات جيدة مع الفرقاء السياسيين، كما جرى التركيز على مواصفاته من جهة رغبته الشديدة بمركزة القرار بين يديه، شعور بالشك والريبة من مخالفيه في الرأي، عدم إبدائه المرونة. لكن في المقابل، المقربون منه يقولون انه «شخص وطني».
ومع دخول مسلحي «داعش» مدينة الموصل في 9 حزيران/ يونيو 2014، تلاشى الوجود الأمني للحكومة، مع انسحاب «صادم» للضباط والجنود من المحافظات السنية.
وربما وضعت الوقائع الأمنية الجديدة المالكي في موقف حرج، أضعف حظوظه في الولاية الثالثة.
وقبل أيام من جلسة البرلمان الأولى، يبدو المالكي خارج الحسابات، بسبب تزايد الدعوات لتنحيه، ومع شعور أطراف اقليمية بأن المالكي أخفق في تجنيب العراق الحال المتدهور الذي يمر به اليوم.
لكن المفاوضات الجارية الان، قد تعيد المالكي إلى الواجهة، بسبب تضارب المواقف والمصالح الاقليمية بشأن من هو الأصلح لمنصب رئاسة الوزراء.
ورقة المالكي الآن ضعيفة، لكنها تملك شيئا من الحظ.
أحمد الجلبي
تعيين أحمد الجلبي للحكومة العراقية الجديدة، بمثابة إحياء لرجل كان في يوم ما بنظر الأميركيين، «الشخص المثالي ليكون في محل صدام حسين».
في الحقيقة، انهارت حظوظ الجلبي، الذي كان «اللسان» المسموع من قبل الكثيرين في واشنطن خلال الفترة التي سبقت الحرب.
كان هناك «همس» من واشنطن بأن الجلبي، وهو شيعي، خدع الاميركيين بالتجسس لصالح الإيرانيين. الجلبي طالما نفى ذلك بالقول، «كانوا يعلمون كل شيء، لقد مولت الخارجية الأميركية فتح مكتب للمؤتمر الوطني في طهران قبل الحرب. اعتقد انهم اختاروني لتفريغ الغضب الأميركي على سياسات بوش الأب». تصريح صحافي شتاء 2013.
ولد الجلبي العام 1945 في بغداد لعائلة ثرية تعمل في قطاع المصارف، غادر العراق عام 1956 وعاش بشكل رئيسي في الولايات المتحدة ولندن، باستثناء فترة في منتصف 1990 عندما حاول تنظيم انتفاضة من كردستان العراق. انتهى المشروع بالفشل مع سقوط مئات القتلى.
يعتقد الدبلوماسيون الغربيون، أن الجلبي سياسي محنك، تعلم الكثير عن التفاوض والإدارة في لندن وواشنطن، وربما جاء هذا من خلفيته الأكاديمية الناجحة في تخصص الرياضيات.
في الحقيقة يراه الأميركيون شخصاً يملك كاريزما ويثير الجدل، وماكر وطموح.
لكن كثيرين في العراق يتهمونه بالتقصير بسبب «استشارة» حل الجيش وإنشاء هيئة لاجتثاث البعثيين العراقيين من الحياة السياسية.
لقد ظل الجلبي خلال ولايتي المالكي في الحكومة، بعيداً عن المشهد، سوى إطلالاته في الصحافة، وحديثه المستمر عن «ضرورة تطوير قطاع المال والنفط».
خلال اليومين الماضيين طرح اسمه بقوة بوصفه مرشحاً مقبولاً لرئاسة الوزراء، وظهرت تسريبات مختلفة بشأن تصاعد حظوظه لحسم الجدل الدائر بشأن انتهاء ولاية المالكي الثانية.
يحتاج الجلبي اليوم إلى توافق شيعي وسني وكردي، وتفاهمات إيرانية أميركية، ورغم أنها متاحة اليوم، لكنها تبقى غير مضمونة.
عادل عبد المهدي
قبل وصول عمار الحكيم إلى زعامة المجلس الإسلامي الأعلى، كان عادل عبد المهدي الرجل الثاني في الحزب الشيعي. يعتقد أن عمار الشاب جاء بعقلية تزيح «الحرس القديم» من هيكل القيادة.
في الحقيقة، انزوى عبد المهدي، وصار صوته مقتصراً على مقال افتتاحي في صحيفة «العدالة» التي يملكها.
ولد عبد المهدي عام 1942 في منطقة البتاوين، وسط بغداد. ينحدر من عائلة علوية برجوازية سكنت المنتفك (الناصرية حاليا)، واصله من الكوت حيث لا يزال بيت العائلة معروفا هناك. كان أبوه وزيرا خلال عهد الملك فيصل الأول، وكان أيضا نائبا في مجلس الاعيان العراقي ممثلا للمنتفك (الناصرية) والذي اكسبه لقب المنتفكي.
تأثر عبد المهدي في شبابه بالأفكار القومية العربية وله صداقات طفولة مع أحمد الجلبي وإياد علاوي، كما أنه أكمل دراسته الثانوية في «كلية بغداد» بالأعظمية.
في 1968 غادر إلى فرنسا، كان يكمل زمالة دراسية بقي فيها إلى عام 1972، ليذهب إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان التي بقي فيها إلى وقت الاجتياح الإسرائيلي وغادر بعدها إلى فرنسا مرة أخرى إلى ان رجع للعراق عام 2003.
تبنى عبد المهدي، الفكر الاشتراكي في بادئ الأمر، إلى ان انتهى به الأمر بالفكر الإسلامي الشيعي المعتدل. ورغم أن منافسيه يعدونه انتهازيا غير متدين دخل التيار الإسلامي بحثا عن مناصب سياسية، فإنه يبرر تحولاته الفكرية والسياسية بقوله إن الأمر استغرق 50 عاما وهي كافية ليتغير المرء.
اليوم، لا يعرف ان كان لعادل عبد المهدي أي حظوظ بالنسبة لترشيحه رئيساً للوزراء، خصوصاً وأنه من السياسيين الذين غلب على أدائهم الخمول والكسل.
وفي مقابل ذلك، فإنه يتمتع بمواصفات قد تسعفه بالفوز، منها خبرته الاقتصادية واعتداله مع الخصوم، وعلاقاته الناجحة مع الكرد.
إبراهيم الجعفري
هو إبراهيم عبد الكريم الاشيقر، الملقب بـ»الجعفري»، ولد عام 1947 في مدينة كربلاء.
انتقل الى الموصل لإكمال دراسته في الطب، مكث فيها طيلة أربع سنوات في هذه المدينة، ويردد بعض سياسيي حزب الدعوة أنه تواصل هناك مع زعامات من الإخوان المسلمين.
في عام 1989 انتقل الى لندن، وقام بتنشيط وجود حزب الدعوة السياسي في أوروبا.
وبعد عام 2003، اختير أول رئيس لمجلس الحكم العراقي، ثم نائبا للرئيس في الحكومة المؤقتة. وفي عام 2005 تولى منصب رئيس الحكومة، لكنه لم يستمر فيها سوى سبعة أشهر، قبل ان يتنازل عن المنصب.
لقد تعرض الجعفري إلى حملة انتقادات شرسة من السنة والكرد، بينما تصاعد دور الميليشيات في عهده، الذي تزامن مع ذروة الحرب الأهلية في العراق.
ويناقش المعنيون بملف مرشح رئاسة الحكومة اسم الجعفري كواحد من المرشحين للمنصب، ويبدو أن اسهمه ترتفع، بوصفه «بديلا من الدعوة».
فالح الفياض
في العام 2010، قرر المالكي إزاحة موفق الربيعي من منصبه، مستشاراً للأمن الوطني، ليقدم مرشحه الجديد فالح الفياض، الذي بقي في هذه الوظيفة، حتى اليوم.
لقد جاء المالكي بهذه الشخصية، ربما لإرضاء الجعفري الذي خسر بدوره زعامة حزب الدعوة ورئاسة الحكومة.
لكن فالح الفياض، واسمه الكامل فالح فيصل فهد الفياض، استغرق في وظيفته الأمنية، وأمسك بها جيداً خلال الفترة الماضية، وقد تمكن خلالها من تأسيس مؤسسة أمنية كبيرة تملك عدداً من الخبراء الذين يقيمون الوضع الأمني، ويضعون الأفكار الخاصة باستراتيجية الأمن الوطني في العراق.
يعتقد بأن الفياض، الذي ينحدر من عائلة شيعية معارضة لصدام حسين، شخصية لا تعاني من مشاكل في الوسط الشيعي وليس لديها مشاكل مماثلة مع الاطراف السنية، وغير متورط بمشاكل مالية. بعض المهتمين ببورصة الترشيحات يرون الفياض أفضل من أقرانه في «دولة القانون».
وتأتي أهمية ترشيح الفياض من احتمال قبول المالكي التنحي شخصياً، لكنه سيصر على بقاء المنصب لحزب الدعوة، وسيدفع بهذا الاسم لأن كثيرين يعتقدون بضرورة مرشح «أمني» لوضع متدهور على الأرض.
طارق نجم
اسمه طارق نجم عبدلله، ولد في يوليو 1946 في مدينة الناصرية في محافظة ذي قار.
حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة في اللغة العربية، وعمل أستاذا في جامعة بغداد، وفي جامعة البصرة لغاية 1991، حيث انتقل إلى اليمن وعين أستاذا في جامعة صنعاء، حتى عام 1996، عندما غادرها إلى لندن طالباً اللجوء السياسي فيها، وحصل على الجنسية البريطانية في عام 2002.
عند تشكيل حكومة إبراهيم الجعفري، عين نجم في مكتبه بصفة «مدير أداري»، لكنه برز عندما اختير مديراً عاماً لمكتب نوري المالكي عقب تشكيل حكومته الأولى صيف عام 2006 بترشيح من عبد الحليم الزهيري، أو ما يعرف بـشيخ حزب الدعوة، واتسعت صلاحياته بمرور الوقت لتجعله نظير المالكي في الوزن والمكانة.
يقول مراقبون من نجم إنه منضبط دقيق، قليل الكلام والضحك، كتوم بدرجة تثير استغراب المحيطين به. وفي فترة غيابه قال كثير من المراقبين إن التواصل الدبلوماسي مع خصوم الحكومة وصل إلى درجات متدنية، وهو ما اضطر نوري المالكي لإعادته مرة أخرى وتلبية كل شروطه.
نقل صحافيون عن سلمان الجميلي انه سأل رئيس كتلة دولة القانون البرلمانية الشيخ خالد العطية عن طارق نجم وما يتردد عن المهام الموكلة إليه، فكان جواب الشيخ، انه «لا يعرف»!
ولكن نجم كانت له مهمات مفصلية تتعلق بمفاوضات حاسمة مع الكرد، والمرجعية في النجف، وأشرف في مرحلة ما على تحجيم «المتطرفين» داخل مكتب المالكي.
قد يكون «دولة القانون»، يخشى أن يؤدي الضغط عليه بشأن إزاحة المالكي الى خروجه من المشهد، لذلك سيدفع باتجاه حماية حظوظ 95 مقعداً، بتقديم شخص «جديد»، لكنه خبير في كيفية سير الأمور داخل مكاتب الحكومة.
اياد علاوي
يحتاج ترشيح إياد علاوي لمنصب رئاسة الوزراء إلى معجزة. إنه لو وقع الاختيار عليه، فإن إيران وشيعة العراق وواشنطن، حصلوا على تفاهم مشترك بشأن اختياره.
وإياد علاوي، تولد 1945، سياسي عراقي تولى رئاسة الحكومة العراقية المؤقتة، التي تلت مجلس الحكم، لغاية أبريل 2005.
علاوي خريج ثانوية كلية بغداد في العراق وخريج كلية الطب في جامعة بغداد، عام 1970، حصل بعدها على شهادة الماجستير من جامعة لندن عام 1975والدكتوراه من ذات الجامعة عام 1979. وعمل استشاريا في علم الوبائيات والصحة البيئية لدى اليونيسف 1979-1981.
وهو من السياسيين الشيعة المحسوبين على التيار العلماني، لكن قائمة العراقية، التي تزعمها في 2010، قدمت سياسيين سنة، وضعوا في المواجهة مع المالكي وأحزاب شيعية أخرى.