“العين تأكل قبل البطن”.. العادات الاستهلاكية للطعام في رمضان: ضرورة أم حماس زائد؟

متابعة – سميرخليل:
لعل من أهم طقوس وعادات المسلمين في شهر رمضان الفضيل هو الطعام على مائدة الافطار خاصة، إذ يصبح تحضير الطعام وتنوعه من أهم واجبات ربة المنزل والحرص أن يكون جاهزا مع إطلاقة مدفع الافطار.
هناك جانب آخر لا يقل أهمية وهو المقابل المادي لشراء مستلزمات مائدة رمضان، فعادة ما ترى أسواق المواد الغذائية والخضر والفواكه مكتظة بالمتبضعين الذين يتهافتون على شراء أهم المواد الغذائية من أجل مائدة رمضان.
هذا الانفاق ربما يصل مرحلة البذخ ولكنه في نفس الوقت مرهق بالنسبة لمداخيل الكثير من الأسر خلال شهر رمضان، ومع اقتراب الشهر الفضيل، تتغير العادات الاستهلاكية بشكل ملحوظ، حيث يُقبل الناس على التسوق بشغف كبير، سواء لشراء مستلزمات الطعام أو تجهيز المنازل والديكورات الخاصة بهذا الشهر الكريم.
ولكن يبقى السؤال: هل هذا التسوق ضرورة حقيقية أم مجرد حماس زائد تدفعه العروض المغرية والإعلانات المؤثرة؟
تشير الإحصاءات إلى أن 65% من الأشخاص يزيدون انفاقهم قبل رمضان، فيما يفضّل 30% التسوق عبر الإنترنت بدلاً من زيارة المتاجر التقليدية.
وخلال الشهر، يرتفع الإنفاق على الطعام والطلبات الجاهزة، مع زيادة في طلبات التوصيل بنسبة 40% مقارنة بالأشهر الأخرى.
شربل نصر، خبير التسويق الإلكتروني، يوضح أن هذا الارتفاع يعود إلى عدة عوامل: “في رمضان، تزيد الاحتياجات، وتطرح الشركات عروضًا جذابة. لكن التحدي هو التوازن بين الحاجة الفعلية والانجراف وراء الإغراءات”.
أما مايا طاهر، مدربة مهارات الحياة وخبيرة السلوك البشري، فتسلط الضوء على الجانب النفسي لهذا السلوك قائلة: “الحملات الإعلانية في رمضان تبني على المشاعر، مثل أجواء العائلة واللمة، مما يحفز الناس على الشراء بدافع عاطفي أكثر من كونه حاجة فعلية”، وتضيف طاهر أن الشعور بالضغط والتوتر قد يؤدي إلى الشراء كمحاولة للتخفيف من التوتر، لكن هذا الشراء العاطفي قد يتحول إلى دورة من الاستهلاك الزائد والندم لاحقًا”.
وتلعب السوشيال ميديا دورًا كبيرًا في تعزيز الرغبة في التسوق، حيث تُظهر المؤثرات الرقمية منتجات وتجارب مغرية تجعل المتابعين يشعرون بأنهم بحاجة لاقتناء نفس المنتجات.
ومع أن التسوق جزء لا يتجزأ من استعدادات رمضان، يمكننا تحويل هذه العادة إلى فرصة لتعزيز الوعي الاستهلاكي، عبر تحديد الأولويات، تجنب الشراء العاطفي، والاستفادة من العروض بحكمة، يمكننا الاستمتاع بروح الشهر الكريم دون إرهاق ميزانياتنا.
في النهاية، التسوق في رمضان يمكن أن يكون ضرورة، لكنه يصبح مشكلة حين يتحول إلى تصرف مدفوع بالعاطفة أو التأثر بالعروض الإعلانية، فالمفتاح هو الوعي والتخطيط، حتى نجعل من رمضان شهرًا للتوازن، وليس للاستهلاك الزائد.
“العين تأكل قبل البطن”، مثل شعبي له دلالة خاصة عند الناس خلال شهر رمضان، إذ تتزايد الرغبة في شراء المأكولات عندما تكون المعدة فارغة، فتتقد الحواس وتتربص بروائح الطبخ المتداخلة بين شوربة “العدس” والحلويات والأسماك وما عدا ذلك مما لذ وطاب.
ودون أن يفكر، يضع المستهلك يده في جيبه ويشتري بإفراط، فعوض الدجاجة يقتني ثلاثا، وبدل الكيلوغرام من اللحم يطلب من الجزار ما يفوق حاجته، وبسرعة يجد نفسه قد تعدى حاجياته اليومية عند الإفطار أو العشاء أو السحور.
وتغص المحلات التجارية والأسواق الشعبية والواجهات المعروفة في مختلف المدن العربية بمن يتبضعون استعدادا للإفطار.
وككل سنة، يحْتدم النقاش حول ضرورة تغيير سلوكيات التبذير التي ترافق تبضع الناس على امتداد فترات ما قبل وحين الصيام، كما في فترة عيد الفطر التي تليه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة