الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير

محمد علي محيي الدين
الشاعرة وداد الواسطي، وُلدت في بغداد، وفيها أكملت مراحل الدراسة الثلاث، ثم درست اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة بغداد، وتُقيم في مدينة الحلة، محافظة بابل، حيث شاركت في العديد من الأنشطة الأدبية والثقافية داخل العراق. تُعتبر من الأصوات الشعرية البارزة في العراق، نشرت نتاجها في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وأصدرت عدة مجموعات شعرية تُعبر فيها عن مشاعرها وتجاربها بأسلوب فريد، وكتب عن تجربتها الشعرية عدد من النقاد، ومنحت شهادات تقديرية ودروع ابداع لمشاركتها الفاعلة في المشهد الشعري العراقي، وهي عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، جمعية الرواد الثقافية، وغيرها من المنظمات الأدبية والنسوية.
وتميزت بتناولها لمواضيع إنسانية واجتماعية تعكس تجاربها الشخصية والواقع المحيط بها. تُركز في قصائدها على قضايا الحزن، الفقد، والأمل، معبرةً عن مشاعرها بصدق وشفافية. في مجموعتها “ما لم يقله قلبي”، تخلت عن بنية التفعيلة والعمود، واعتمدت على شعرية النثر بأسلوب سهل ممتنع، مع الحفاظ على ضوابط اللغة والنحو.
ينماز شعرها برقة الأسلوب وعمق المشاعر، حيث تستخدم لغة بسيطة تحمل في طياتها معانٍ عميقة. تُجيد تصوير المشاهد والأحاسيس بطريقة تجعل القارئ يتفاعل مع نصوصها. في قصيدتها “خدعتني وأنت أبي”، تعبر عن مشاعر الخيبة والألم بطريقة مؤثرة:
“خدعتني وانت ابي”
كما أنها تُجيد استخدام التكرار كأداة تعبيرية لتعزيز المشاعر وإيصال الرسالة بفعالية. في دراسة بعنوان “التكرار في شعر وداد الواسطي، ديوان ما لم يقله قلبي أنموذجًا”، تم التركيز على كيفية استخدام التكرار في شعرها لنقد الواقع المعيش والتعبير عن الصرخات الداخلية.
وتتميز قصائدها بصور جمالية وفنية تعكس عمق تجربتها الشعرية. في ديوانها “ما لم يقله قلبي”، تتخلى الشاعرة عن بنية التفعيلة والعمود، وتتبنى شعرية النثر بأسلوب سهل ممتنع، مع حرصها على ضوابط اللغة والنحو، وتُظهر تمكنها من الومضة الشعرية التي تجسدت فيها أهم خصائص الشعر الحديث، وتتدافع قصائد المجموعة بعناوينها كأمواج متلاحقة في مجرى متماسك، مما يخلق سياقًا موحدًا لنص طويل، تعبّر فيه الشاعرة عن أنينها عبر عثرات طريقها نحو أملها المفقود.
وفي قصيدتها “دعوة للكذب”، تستخدم الشاعرة صورًا فنية تعكس تناقضات الذات البشرية، حيث تقول:
“أحب شعري
شعري الذي أكتبه لك
أحب نفسي
وأنا أكذب عليها”
هنا، تعبر الشاعرة عن حبها لشعرها ولذاتها، حتى في لحظات الكذب على النفس، مما يبرز التوتر الداخلي والتناقضات التي تعيشها.
وفي قصيدتها “خدعتني وأنت أبي”، تستخدم الشاعرة صورًا تجمع بين الحميمية والخداع، حيث تقول:
“ما زلت هنا
تربط لي شريط حذائي
تخيط لي ثوبي المطري
تحيط بيدك خصري
تصحبني إلى مدرستي
ما زلت هنا”
هذه الصور تعكس العلاقة المعقدة بين الأب والابنة، حيث يجتمع الحنان مع الشعور بالخداع.
أما قصيدتها “سلامٌ عليك”، فتستخدم الشاعرة صورًا تجمع بين الحروف والرياح والصبر، حيث تقول:
“سلام عليكَ بكُلَّ الحروفِ
إذا شَطَّ حرفٌ وقال هلا
إذا حاصَرَتنا رياحُ هواكم
وللصّبرِ ثوبٌ بنا قد بَلى”
هذه الصور تعكس مشاعر الحنين والصبر والتحدي أمام رياح الشوق.
وهذه الأمثلة تُظهر قدرة الشاعرة وداد الواسطي على استخدام الصور الجمالية والفنية للتعبير عن مشاعرها وتجاربها بأسلوب يجمع بين البساطة والعمق.
حظيت أعمالها باهتمام النقاد، حيث أشاروا إلى تميزها في التعبير عن المشاعر الإنسانية بصدق وعمق. في مقال بعنوان “حينما تتعانق القصائد بمضامينها في سياق نص طويل… مع الشاعرة وداد الواسطي في مجموعتها الشعرية (ما لم يقله قلبي)”، أُشير إلى أن الشاعرة تخلت عن بنية التفعيلة والعمود، وتمسكت بشعرية النثر بأسلوب سهل ممتنع، مع حرصها على ضوابط اللغة والنحو.
كما أُشيد بقدرتها على التعبير عن الحزن والألم بطريقة تجعل القارئ يشعر بتجربتها الشخصية. في مقال بعنوان “عالم الواسطي وسرية البوح”، أُشير إلى أن معزوفاتها الشعرية تعبر عن الحزن بشفافية، مما يجعل القارئ يتفاعل مع نصوصها بعمق.
بالإضافة إلى ذلك، أُشيد بقدرتها على استخدام التكرار كأداة تعبيرية فعالة في شعرها، مما يضفي على نصوصها إيقاعًا مميزًا ويعزز من تأثيرها على القارئ.
ويتميز شعرها بعدة خصائص فنية تجعله مميزًا في المشهد الشعري العراقي، حيث تمتلك قدرة على التعبير عن المشاعر الإنسانية العميقة من خلال أسلوب شاعري يجمع بين البساطة والعمق. من أبرز خصائص شعرها تنوع في الأشكال الشعرية، فهي تكتب في عدة أشكال شعرية، منها الشعر العمودي، شعر التفعيلة، وقصيدة النثر، ما يعكس مرونتها الإبداعية وقدرتها على توظيف كل شكل وفق الموضوع.
وترى أن “كل قصيده هي وليدة لحظتها والشاعر حين يريد الكتابة لا يخطط لذلك لان الشعر لحظة الهام والشاعر اذا خطط للكتابة خرج عن مضمار الشعر، وبعض القصائد تعاني مخاضا عسيرا كي تولد هذا التعبير ينطبق على الشعر بهيئته الكلاسيكية اقصد الشعر العامودي لأنه مرهون بالوزن والقافية وما تمليه قوانين القصيدة العمودية على الشاعر من قيود الا انه حتى في هذا النوع يكون الشعر وليد لحظته لدى الشعراء المتمكنين من ناصية الشعر الكلاسيكي وبعكسه فأنه لا يمكن ان يكتب الشاعر قصيده في موضوع يتم املاؤه عليه.”
في الختام، تُعتبر وداد الواسطي من الشاعرات اللواتي استطعن التعبير عن مشاعرهن وتجاربهن بأسلوب فريد، مما جعلها تحظى بتقدير النقاد وإعجاب القراء على حد سواء.
المصادر
– اتحاد أدباء بابل- نشأته أعضاؤه- محمد علي محيي الدين- ار العطار- النجف-2024.
– مع الشاعرة (وداد الواسطي) في مجموعتها الشعرية (ما لم يقله قلبي) الزوراء -ناهض الخياط-8-5-2018.
– عالم الواسطي وسرية البوح- كامل حسن الدليمي- الحوار المتمدن-7-6-2015.
– أسلوب التكرار في شعر وداد الواسطي، ديوان ما لم يقله قلبي إنموذجا- أشرف مانع فرهود –مجلة دراسات في الانسانيات والعلوم التربوية –العدد5-أيار2024.
– حوار مع الشاعرة المبدعة وداد الواسطي-فرح تركي- ريموت نيوز-16-5-2021.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة