يسبقها دعاء وتضرع الى الله طقوس الافطار في البيوت العراقية فرصة لتغيير الذات

بغداد – وداد إبراهيم:
حالة من السكون تعم الشوارع، يقابلها ازدحام أمام المخابز وبائعي الأطعمة والمشويات قبل الإفطار بدقائق. حركة نشطة داخل المحلات، وشراء سريع للمشروبات والعصائر واللبن، وكأن الجميع في سباق مع الزمن، وكأنهم على موعد لا يمكن تأجيله. هذا المشهد بدأ منذ اليوم الأول من شهر رمضان الفضيل، ويتكرر يوميًا. وما إن يرفع أذان المغرب، سواء عبر المآذن أو الفضائيات العراقية، حتى يصدمك منظر الشوارع والأسواق؛ لا حركة، لا زبائن، لا بيع، وبعض المحلات تغلق أبوابها، خاصة داخل المجمعات السكنية الصغيرة. بينما يتناول بعض العاملين، مثل الخبازين وبائعي المشويات، إفطارهم في أماكن عملهم، فيما يتناوب آخرون على الإفطار فيما بينهم.
الغريب أن وجبة الإفطار تستغرق وقتًا طويلًا، إذ تتخللها لحظات من الصمت والدعاء والتضرع إلى الله. يبدأ الإفطار بطقس ثابت في كل البيوت والعائلات العراقية، حيث يُفتتح بالدعاء، ثم تناول التمر واللبن. بعض الصائمين يكتفي بهذا القدر، ويأخذ فترة قصيرة لأداء صلاة المغرب، ثم يعود لتناول وجبته حتى وإن كان الطعام قد برد. أما البعض الآخر، فيكتفي بوجبة التشريب فقط، ثم يؤدي الصلاة في المسجد القريب قبل أن يعود لتناول الطعام بشكل كامل. لهذا السبب، تُعدّ وجبة الإفطار من الوجبات التي تستغرق وقتًا طويلاً، خاصة أن بعض العائلات تستغلها لتبادل الحديث عن أجواء رمضان، ومناقشة موعد السحور والأطعمة المناسبة له. بعد الإفطار، غالبًا ما تُقدم الحلويات، يليها الشاي، الذي يُعدّ سيد المشروبات الساخنة في هذا الشهر.
تقول السيدة أم حنان: “لدينا عادات خاصة في تناول وجبة الإفطار، إذ نضع على المائدة الشوربة فقط، سواء كانت شوربة العدس أو شوربة اللحم (ماء التشريب)، وما إن يؤذن المغرب، حتى نبدأ بالتمر واللبن، ثم نتناول قليلًا من الشوربة. بعد ذلك، نأخذ وقتًا للصلاة والدعاء وقراءة القرآن، ثم نعود لوضع بقية الطعام على المائدة. تستمر هذه الوجبة حتى صلاة العشاء والتراويح، وبعد عودة الرجال من المسجد، نجهز لهم المخبوزات والحلويات مع الشاي.
أما السيد محمد عباس، فيقول: “لوجبة الإفطار طقوس وعادات، منها الانتظار حتى ينتهي المؤذن من الأذان، ثم الدعاء الذي يردده والدي قبل الطعام، وبعده نبدأ بالتمر واللبن. البعض يؤدي الصلاة بعد ذلك، بينما يستمر آخرون في تناول الطعام، الذي لا يُرفع عن المائدة حتى يكون الجميع قد أنهى وجبته بالكامل. بعد ذلك، تبدأ مرحلة الشاي مع الحلويات أو المخبوزات، وهذه الطقوس موجودة في كل بيت عراقي”
المعروف أن العراقيين يحافظون على العادات والتقاليد في المناسبات الدينية، ليظل لشهر رمضان نكهته الروحانية، حيث تعم البيوت والمساجد نفحات إيمانية خالصة، يتقرب بها الإنسان إلى ربه، في شهر مبارك يفيض بالخيرات، والأدعية بأن يحفظ الله العراق وأهله.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة