سلام مكي
إن المبدأ الأساس في قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، هو اعتبار جرائم الفساد المالي والاداري ” الاختلاس والسرقة وهدر المال العام” من الجرائم المستثناة من العفو العام، إلا في حال قيام المدان بتسديد ما بذمته من أموال لصالح الجهة المتضررة، وقد اشترط قانون العفو العام قبل تعديله الأول تنازل الممثل القانوني لغرض الشمول بالعفو، لكن بعد التعديل الأول، لم يشترط تنازل الممثل القانوني، واستعيض عنه بجلب كتاب من الجهة المتضررة يؤيد تسديد ما بذمة المدان من أموال لغرض الموافقة على طلب الشمول بالعفو، والتسديد حسب التعديل الأول، يفترض أن يكون بدفعة واحدة مهما كانت قيمة المبلغ.
في التعديل الثاني، تم وضع أسس جديدة لجبر الضرر الذي أصاب المال العام، إذ تم النص على أن استحصال المبالغ يكون عن طريق التسوية مع الجهات المتضررة أو وفقا لقانون تحصيل الديون الحكومية أو قانون التضمين، أو أي قانون آخر. هنا نجد أن المشرع العراقي، وضع نصا فضفاضا وقابلا للتأويل والالتفاف، لأن معنى ذلك يمكن إطلاق سراح المدان بقضايا الفساد، مع منح الجهة المتضررة حق اتباع الاجراءات القانونية في استحصال مبلغ الضرر عن طريق اللجوء الى قانون تحصيل الديون الحكومية أو قانون التضمين، في حال لم يبادر الى إجراء تسوية مع الجهة المتضررة. لكن بالعودة الى التعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى، نجد أن قبول طلبات الشمول بالعفو العام المقدمة من قبل المدانين بقضايا الفساد المالي والاداري يجب أن تعتمد على الكتب الصادرة من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بما يؤيد قيام المدان بتسديد مبلغ الضرر أو قيامه بتسوية يضمن من خلالها تسديد مبلغ الضرر بشرط الحصول على موافقة الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة، وفي حال إخلال المدان بالاتفاق أو التسوية، فعلى الجهة المتضررة إشعار رئاسة الادعاء العام لاتخاذ الاجراءات القانونية بطلب إلغاء شموله بأحكام قانون العفو العام! وهذا الاجراء مهم جدا ويساهم الى حد كبير في الالتزام بالتسوية المالية بين الطرفين.