بغداد – سمير خليل:
بعد ثلاث سنوات من العمل والجهد والتحضير، اتحفتنا الفنانة التشكيلية المبدعة وجدان الماجد بمعرضها المتميز وثيمته المهمة، ” شخص آخر” عنوان يثير الكثير من الاسئلة والتأويلات، لكنه يبقى مبحثا جميلا يخترق حصون السلوك والاخلاقيات.
معرض احتضنته جدران قاعة ” ذا غاليري للفنون المعاصرة في بغداد” في بغداد وسط حضور مفرح للمعنيين والجمهور النابه المتعطش لرحيق الفن التشكيلي العذب، تناولت فيه الماجد القناع، غطت به وجوه لوحاتها ثم اسقطته تباعا لتكشف تصرفات ومظاهر يتبناها الفرد لإخفاء شخصيته الحقيقية ومشاعره الداخلية.
سعداء كنا بين ضيوف المعرض والتقينا الفنانة الماجد لتنير سؤالنا عن مقصدها بالعنوان فقالت:
“شخص آخر” هو صراع وتحولات ما بين القناع وما بين الذات، لأننا دائما ما نغطي ذاتنا أو حقيقتنا بأقنعة رمزية وغير ملموسة، لكن كيف أستطيع أنا أن أحولها من سلوك داخلي الى قناع، الى شيء ملموس في اللوحة، وهو ملموس في اللوحة، لكن في شخصياتنا نلمسه من خلال السلوك. أصبحت أتأثر بسلوك الآخرين الموجودين حولي، ماهي وجوههم الثانية؟ حاولت أن أستكشف كل الشخصيات وقسم منها عانيت شخصيا فحولتها الى أقنعة”.
*وهل هي وجهة نظرك أم وجهة نظر عامة؟
بالتأكيد هي وجهة نظري، وجهة نظر وجدان لأنها تجربتي الخاصة، أنا أصبحت أرى كل الناس وهي ترتدي وجوها ثانية، ونحن نتداول مفردة “الوجه الثاني” و” يرتدي قناع” نحن نستخدمها كثيرا ولكن لا أحد يعرف معناها العميق وتأثيرها على الشخص الآخر، فأصبحت لدي الكثير من المفردات، الاقنعة، منها قناع الخوف، قناع القوة أو التحدي، قسم من النساء لديهن تحد بالتحرر من القناع ونزعه، نحن لا نتقبل دائما أن نكون بأقنعة، يجب أن نتحرر منها ونبرز ذواتنا حتى ولو جزءا منها، هناك لوحة رسمتها وضعت فيها القناع شفافا أي تخفي شيئا وتبرز شيئا، وهذا أصدق من أن تخفي الوجه كله”.
وتضيف: لأول مرة أطرق هذا الموضوع في معارضي، منذ ثلاث سنوات وأنا أشتغل وأحتفظ بمعرضي هذا، قبله كانت مشاركاتي في معارض جماعية ولم يكن لي معرض شخصي وجميعها أفكارها مختلفة تماما عن هذا المعرض، في تلك المعارض كانت مفردة العربة الشعبية وكيف أوظفها بصورة عصرية، مثلا امرأة ترتدي بنطال جينز أو طفل في عربة، يعني مفردة من التراث وأخرى من المعاصرة ويتداخلن مع بعض”.
الفنانة الماجد لديها تجربة بالرسم في أماكن من مدينة بغداد مثل المجسرات، ومرتكزات جسر الصرافية وجدارية أمام أمانة بغداد وأماكن أخرى، عن هذه التجربة تقول:
هذه التجربة أضافت لي الكثير من الخبرة والتحديات، وتعبت فيها كثيرا، بداية تملكني الخوف لكن بعدها اكتشفت أن جمهوري الحقيقي هو في الشارع ، أحسست أن كثيرا من الفنانين تأثروا بالحجم وبدأوا يرسمون جدارية، وبدأ الناس يطالبون بهذه الجداريات في المطاعم مثلا، وبدأ التعرف أكثر على فن الجداريات لان هذه الثقافة لم تكن موجودة في الشارع، أنا رسمت شخصيات مهمة مثل الجواهري وزها حديد وجواد سليم وماهود أحمد وبلاسم محمد والغرض التعريف بهم باعتبارهم مبدعون من بلدنا وحتى مارسمته على مجسر الفنون يمثل معالم بلدنا جميعها، رغم أن التعب بالعمل في هذا المجسر كان أكبر بسبب مساحته وبدون أي وسيلة، أنا والجدار مباشرة وكذلك لأنه الرسم ضم كل معالم العراق، وكل من يمر بجانبه يشعر بالعزة والكرامة، هناك حنين تولد بين المتلقي وهذا العمل”.
*المرأة التشكيلية، هل أخذت حقها اليوم؟
سؤالك صعب، لأنني لا أستطيع التعميم على جميع التشكيليات العراقيات، بالنسبة لي لدي وجهة نظر خاصة، أنا تعبت في حياتي، كنت أحصل على الفرصة إجبارا، لم أحصل عليها بحرية، يعني مشاركاتي خارج العراق كانت صعبة، مشاركاتي بالمعارض كامرأة ولدي مسؤولية داخل البيت صعبة كذلك، كامرأة لدي مسؤولية كموظفة كذلك صعبة ليس مثل فنانين متفرغين للفن، خطوتي هذه تأخرت بسبب مسؤولياتي الكثيرة كامرأة وأم وتدريسية، كفنانة ظهرت آخر شيء وكنت أعاني من هذا الموضوع ، لا توجد هنا مؤسسات تتبنى فنانا وتوفر له ما يحتاجه وينقصه، أنا كنت بحاجة لأشياء كثيرة في حياتي، لذلك لم أستطع إقامة معرض، لدي مسؤوليات كبيرة، الايجار والاطفال وطلابي لذلك توقفت وتعثرت عندي لغاية ظهورها”.
على قاعة ” ذا غاليري للفنون المعاصرة في بغداد”.. في معرضها ” شخص آخر” .. التشكيلية وجدان الماجد تنشد نزع الاقنعة وتحرير الذات
التعليقات مغلقة