وداد ابراهيم
لا تزال فكرة الهجرة، حتى مع استتباب الأمن والتطور الاقتصادي، محل اهتمام الشباب العراقي، لا سيما عند متابعتهم، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يوميات أقرانهم في بلاد الغربة، وحلمهم بالحصول على فرص عمل في الاختصاص ذاته أو المجال العلمي نفسه. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يتابع الشباب يوميات أقرانهم في دول أوروبية، حيث يعيشون حياة مستقرة، ويتمتعون بفرص عمل مناسبة، وبتعليم ذي جودة عالية، ويحصلون على خدمات صحية متقدمة. البعض يرى أن في بلاد الغربة اهتمامًا كبيرًا وبيئة تقدّر العلم والعلماء، لكن هذا لا يتحقق بين يوم وليلة؛ فكل من يختار الهجرة عليه أن يبدأ من الصفر، أي بمعادلة شهادته والدراسة لسنوات حتى يحصل على تحصيل علمي من البلد الذي يعمل فيه، ومن ثم يبدأ صعود السلم بالتدريج، وهذا يستغرق منه سنوات.
وخلال هذه الفترة، على المغترب أن يعمل ليسدد أجور الجامعة، لأن المنظمات الدولية المعنية بالهجرة تفتح الأبواب وترشد المهاجرين إلى الطريق، لكنها لا تتكفل بكل مصاريفهم، أي أن لكل فرصة ثمنًا باهظًا. نعم، يمكن للشباب تطوير مهاراتهم، لكنهم سيحرقون الكثير من سنوات عمرهم حتى يصلوا إلى المنشود، وهو العمل بالشهادة العلمية. من الممكن أن تعمل وتجتهد أكثر وتدرس في بلدك، حاول ولا تتردد، لأن الاغتراب والغربة ثمنهما الابتعاد عن الوطن، والأهل، والأصدقاء، والأشقاء، وهذا ما يكلف المغترب حسرات ودموعًا ووجعًا حتى يحقق المطلوب.
والغريب أن الكثير من المهاجرين حاولوا العودة إلى بلادهم، لكنهم وجدوا صعوبة في التكيف من جديد مع الحياة، فعادوا إلى بلاد الهجرة مرة أخرى، ليعاودهم ذات الشعور، الحنين والشعور بالغربة والاغتراب. وعلى الشباب أن يصنعوا لأنفسهم فرصة، وألّا يبحثوا عن أعذار للهجرة، بل يجتهدوا ويتواصلوا ويسهروا ويدرسوا، ويصنعوا لهم بلدًا داخل عقولهم وكأنهم هاجروا. وعليهم أن يعملوا في أي مجال لدعم دراستهم، وإذا لم ينجحوا في مجال، فليجربوا مرة أخرى، لأن هناك معادلة حياتية تقول: السعي مضافًا إليه السعي، مضافًا إليه الاجتهاد، والإيمان بالنفس، يصنع الفرصة، واغتنام الفرص يحقق النجاح. وقد تأتي الفرصة لمرة واحدة، فعليك اغتنامها.