حجاج سلامة
بنهاية العام الماضي 2024، يكون قد مضى مائة عام على ظهور “السريالية”، تلك المدرسة الفنية التي تأسست على يد الفرنسي أندريه بريتون في عام 1924.. حيث اهتمت بالمضون على حساب الشكل، لتقدم للجمهور أعمالاً فنية تحمل رمزية لا نهاية لها.
وقد أثرت السريالية منذ ظهورها في باريس قبل قرن من الزمان، وحتى اليوم، في مجالات شتى تشكيلية وموسيقية وأدبية وفلسفية واجتماعية، وامتد ذلك التأثير من فرنسا إلى العالم.
وفي مناسبة مئوية المدرسة السريالية، شهدت قاعة الفنان راشد العريفي في جمعية البحرين للفن المعاصر بالعاصمة البحرينية المنامة، معرضاً تشكيلياً بعنوان “ذاكرة سريالية”، نظمه الفنان التشكيلي عبدالله المنامي، برعاية زينب الأمير عضو مجلس النواب البحريني، حيث تضمن المعرض أعمالاً تشكيلية لخمسة فنانين من البحرين هم: خليفة شويطر، وعباس رضي، وزهير القديحي، وشهرام سلطاني، وهو فنان إيراني يقيم بالبحرين، وعبدالله المنامي منظم المعرض.
كما شهد المعرض مشاركة لافتة لثلاثة من كبار الفنانين التشكيليين بدولة الكويت هم: الدكتور وليد سراب، وأسعد بوناشي، وبدر حياتي.
وقد احتوى معرض “ذاكرة سريالية”، على أعمال تشكيلية مستوحاة من الفكر السريالي، لكنها حملت هويّة خليجية، وتناولت مواضيع متنوعة أظهرت ثراء الأعمال التشكيلية البحرينية والكويتية.
وقد جاء المعرض ليُضيء على حضور المدرسة السريالية في المشهد التشكيلي بكل من الكويت والبحرين.
وفي هذا السياق، قال الفنان الدكتور وليد سراب، إن معرض “”ذاكرة سريالية”، لم يكن مجرد عرض لأعمال فنية، بل كان بمثابة منصة للحوار والنقاش حول أهمية الفن السريالي ودوره في المجتمع والفكر المعاصر.
وأكد “سراب” على أن الفن السريالي يعد وسيلة قوية للتعبير عن الذات والأفكار التي قد تكون صعبة التعبير عنها بالكلمات، وأن السريالية تُشجع الجمهور على التفكير خارج الصندوق، وفهم أن الواقع ليس دائمًا كما يبدو.
وقال الفنان أسعد بوناشي: إن فكرة المعرض تكمن في إعادة الذكريات السريالية لهذه المدرسة، فهو لمعرض الأول من نوعه في هذا المجال بالمنطقة. مبيناً أن اللافت في المعرض أنه جمع فنانين لهم باع طويل في الفن السريالي، موضحا بأن هذا الفن يعتبر واحدا من أكثر الحركات الفنية تأثيرًا وإبداعًا في القرن العشرين، حيث ظهرت هذه الحركة في أوروبا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، كوسيلة للتعبير عن العقل الباطن وتجسيد الأحلام والخيالات.
وأضاف بأنه من الممكن القول بأن الفن السريالي يمثل رحلة استكشاف معقدة للعقل البشري وطبيعته، كما أنه يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الواقع والخيال، وأيضا يعبر عن كينونات وقضايا المجتمع المتشابكة في لوحة واحدة والتي قد تعجز عن توصيلها أحيانا العديد من الكتب، مما يسهم في تعزيز الحوار حول الهوية الإنسانية والمجتمع.
ومن جانبه عبر الفنان بدر حياتي عن سعادته بالمشاركة بالمعرض، موضحاً بأن المعرض جاء كفكرة جميلة جداً لإحياء الفن السريالي، الذي عانى من عزوف أغلب الفنانين عنه، بعد انتقلوا لمحطات ومدارس فنية جديدة مثل الحداثة وما بعد الحداثة.
ووصف “حياتي” الأعمال الفنية المشاركة بالمعرض بالممتازة، وأضاف بأن الفنانين المشاركين، قدموا أعمالاً تُعبر عن رؤيتهم الخاصة للعالم من حولهم، حيث حملت تلك الأعمال بحسب قوله راية السريالية التي رأى بأنها بمثابة حركة ثقافية تهدف إلى تجاوز الواقع من خلال فنون بصرية تحمل معاني رمزية عميقة عبر التجسيد الإبداعي للأفكار الغير منطقية والرمزية البحتة، إضافة إلى مناقشة الفن السريالي للقضايا الفلسفية والنفسية، مما يجعله أداة فعّالة للتأمل والتفكر.
يُذكر أن الحركة التشكيلية في مملكة البحرين تواصل التطوّر، وتحتلّ التجارب الفنيّة مواقع متقدّمة في مسيرة الثقافة البحرينيّة الحديثة.
وبحسب هيئة البحرين للثقافة والآثار، فإن المنجز الذي تعطيه هذه الحركة هو خلاصة خبرة مضطردة النمو لإبداع أهل البحرين. ولكون الفنون في هذه البلاد تتناسل إبداعاً، وتستمرّ نمواً، يقود إلى معطيات جديدة متميّزة في كل عقد جديد من السنوات فالازدهار الذي يتحقّق لحركة الفنّ التشكيلي هو امتداد ومواكبة لبقية المنجز الثقافي في شتّى مجالات الفنون.
ويأتي ازدهار حركة الفن التشكيليّ في البحرين، وتعاظم دورها على الساحة الثقافيّة، كحصيلة حصيلة طبيعية لجهود الفنّانين المبدعين رواداً ومحدثين، وهو جزء من العطاء الثري الذي تزخر به إنسانيّة المواطن البحريني في علاقته مع محيطه، وفي أسلوب تعبيره عن مشاعره حيال كل شيء من حوله.
تشكيليون خليجيون يحتفون بمئوية السريالية في البحرين
التعليقات مغلقة