محيي المسعودي
حجز الفن الرقمي في العقد الأخير من القرن 21 مساحات كبيرة على الساحة الفنية العالمية وازادت أهميته مع امتداد الذكاء الاصطناعي في جوانب الحياة المختلفة. يذكر أن الفن الرقمي ظهر لأول مرة عام 1965 حيث قام الفنان الألماني الجنسية “فريدرناك” بتصميم خوارزمية من خلالها يمكن رسم مجموعات متنوعة من الأشكال الفنية.
ويُعرَّف الفن الرقمي، عادة بأنه عملٌ مشتركٌ ووثيق بين الكمبيوتر والفنان، نشأ نتيجة شراكة المختبرات العلمية التكنلوجية والفنانين الراغبين باستخدام وسائط هذه التكنولوجية الجديدة في عملهم الفني. وقد ساهمت هذه الجهود والشراكات الجماعية في تشكيل التقنيات الحديثة وصفاتها المبهرة جماليا. وتوجد في هذا الفن خمس خصائص هي: التنوع والتكرار المثالي والتفاعل، والتركيب والقدرة على التواصل
وفي هذا المقال نتعرف على رائد من أهم رواد الفن الرقمي، إذ يُعد الفنان الامريكي مايكل سمث – من أهم رواد هذا الفن التشكيلي العالمي وهو فنان معروف بإسهاماته الكبيرة في مجال الفن التشكيلي الرقمي.
ولد سمث في 8 مارس 1951 في شيكاغو، ودرس في متحف “ويتني للفن الأمريكي” وكولورادو” وعمل أستاذا في جامعة كاليفورنيا (لوس إنجليس)، وجامعة تكساس في أوستن، وجامعة ييل، وجامعة كولومبيا، ومتحف ويتني للفن الأمريكي وعمل أستاذا في قسم الفنون الجميلة في NNYIT _نيويورك _الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أنه المنسق العام للشرق الأوسط والخليج لبرنامج التبادل العالمي للفنون والتكنولوجيا ( الأردن ، البحرين ، الإمارات ) وادرج سمث في كتب وابحاث ودراسات في هذا المجال.
وتميز سمث بشيئين جديدين في أعماله الأخيرة، الأول: هو النحت الرقمي الخاضع للآلة الحديثة في التكنلوجيا الرقمية والثورة المعلوماتية. ويأتي هذا ضمن تقنية واسلوب الفنان اما الأمر الثاني فيتمثل في الالوان والأشكال الغرائبية التي يقدمها الفنان وخاصة اللون الأبيض والشكل البيضوي الممتلئ والمحاط بأشكال درنيّة تماثل الأصل – لونا وشكلا – والغالب على أعماله أنها تمثل مخلوقات أو موجودات بحرية وبرية طبيعية ذات أشكال مختلفة. وتُعد أعمال سمث نصوصا بصرية مدهشة وذات تأثير كبير جدا على المتلقي البصري إذ تترك انطباعا لدى من يراها وكأنه في عالم غريب وتضعه أمام اسقاطات الفنان الثقافية على اللوحة، وما في ذاكرته البصرية وتفرض عليه حالا من التداعي على ذلك العالم الخاص بالفنان. وإذا كان سمث قد حقق الإبهار والدهشة الغرائبية، فإنه لم يستطع إخفاء الطابع الصناعي على بعض الأعمال ذات المواد الصناعية المختلفة التي نفذ بها تلك الأعمال وبتقنية واسلوب صناعيين – رقميين -أيضا مما أفرغ بعض الأعمال من الحياة وسلبها قوة الأشياء الطبيعية وتأثيرها على المتلقي. وكأنني ببعض الأعمال تبلغ الذروة بالتقنية العالية والدقة الكبيرة والشكل المتميز المثير، ولكنها لا تمتلك نبض الحياة الحي.. وبما أن الفن ينتمي للحياة بحكم مُنتجه الانسان ” حسا وذوقا وفكرا وثقافة” لذلك كلما ابتعد العمل الفني عن عناصر الحياة، كلما قل تأثيره على وجدان وشعور وأحاسيس الأنسان. وتؤشر تجربة سمث بعض ملامح الفن الأمريكي الحديث، والذي غالبا ما يعتمد التكنولوجيا أداة مساعدة في العمل أو أسلوبا للتنفيذ. ويتخذ من الحياة العملية المادية للإنسان الامريكي موضوعا له.. لذلك لا يُعنى كثيرا بمساحات الحلم والمشاعر الإنسانيتين خارج رقعته الجغرافية البشرية.
لم تظهر في أعمال سمث مساحات من هذا النوع حتى البوسترات التي يعرضها والتي نفذت بتقنية صناعية عالية جدا، وبألوان نظيفة نقية تدهش بصريا في خصائصها ولكنها لا تنجح أبدا بإمساك خلجات الروح وانفعالات المتلقي، أي أنها تؤثر عليه ولكنها لا تستطيع إدخاله في عالمها، أو دخوله حد التفاعل المستدام معها، فتبقى على السطح تنتهي بانتهاء الدهشة التي عادة ما تكون لفترة قصيرة .. ويمكن الحديث عن مجمل الأعمال على اعتبارها أعمالا تجريدية، ولكنها في كل الأحوال مثلها مثل النهج الفني العام في أمريكا والذي ينظر للعالم ويفهمه وفق رؤيته الخاصة المبنية على خصائص المجتمع الأمريكي – المادية العلمية.
وتبقى ثيمة أصيلة اتصف بها الفنان سمث لابد من ذكرها، وهي أنه عمل بأسلوب الطبيعة أي انه حرص على أن يكون عمله وكأنه انتاجا طبيعيا غير مقصود، فذهب من أجل هذا الى أشكال تنتجها الطبيعة، بعيدا عن تدخل الإنسان.
وتلقى أعمال مايكل سميث إشادة واسعة من النقاد والخبراء في مجال الفن التشكيلي الرقمي. ويُعدُ من أبرز الفنانين في هذا المجال، وتُعتبر أعماله مثيرة للاهتمام ومبتكرة. إذ يتميز بأسلوبه الفريد واستخدامه للتقنيات الرقمية لإنشاء تجارب فنية جديدة ومثيرة.
ومن أحدث أعماله الفنية الرقمية هو” “Digital Dimensions وقد عرضه في متحف الفن الحديث في لوس أنجلوس. وفي هذا العرض، استخدم سميث تقنيات الرسم الرقمي المتقدمة لإنشاء تجارب فنية تدمج بين الفيزياء والرياضيات لإنشاء صور معقدة وجذابة.
يذكر أن سمث حصل عام 1982 على دكتوراه في النحت من جامعة هاواي _ هونولولو. وفي عام1979 حصل على ماجستير في النحت من جامعة سانت خوسيه كاليفورنيا وكان في 1976 قد حصل على بكالوريوس تصميم جرافيكي من جامعة سانت خوسيه _ كاليفورنيا .
وأقام معارض فردية وجماعية ومعارض متنقلة في مناطق وجامعات وجاليريهات مدن وبلدان كثيرة منها ( كاليفورنيا ، هونولولو ،هاواي ، لوس انجلس ، المكسيك ، نيو يورك، فيلادفيا ، اليابان ،ايطاليا ،انجلترا ،تايوان ، فرنسا ، اسبانيا ،استراليا ، نيوزيلندا ،تركيا الأردن … ) .
ومن برامج الفن الرقمي للرسم والتلوين ( Creative Cloud – Adobe Fresco – Photoshop – Illustrato – وكل التطبيقات من Creative Cloud )
مايكل سمث رائد الفن التشكيلي الرقمي بتقنيات الرسم الرقمي يدمج الفيزياء بالرياضيات وينجز لوحة معقدة وجذابة
التعليقات مغلقة