نحن والمسرح

سمير خليل

المسرح، العالم الساحر، الجميل، الأمين في نقل صورة الواقع، خشبته تضاء بالعطاء والألق والجمال، شخوص تتحرك، تتراقص، تجسد مشهدا حياتيا أو مشهدا خياليا فنتازيا.

بين الحوار والحركة والرقصة والاضاءة والصوت والصمت، نتسمر في مقاعدنا خاشعين. نرتشف رحيق الكلمة والفكرة النيرة، لان ما يقدم على خشبة المسرح هو طقس تربوي أخلاقي معرفي خلاق.

نشأ المسرح كحالة تعبيرية قبل نحو 10 آلاف سنة قبل الميلاد، حيث بدأ الإنسان حينئذ بمحاكاة قوى الطبيعة التي طالما احتاج إليها في فترات الجفاف وقلة الخيرات والعواصف والكوارث، وكان متأكداً بأنه يستطيع التواصل معها والتوسل والاسترضاء إليها لتلبية حاجياته وحمايته؛ لذا بدأت معه أول ابتكارات فن المخاطبة الإيمائية ” البانتومايم”  كما أصبح الرقص طقســاً دينياً استخدمه الانسان للتعبير عن الانفعالات والأحاسيس التي كان يُكمن داخلها فرحه وأحزانه.

ومنذ الكلمة الأولى والحركة الأولى في فضاء المسرح الاغريقي حيث تسجل الولادة الاولى لهذا الفن، كان اليونانيون في تلك الفترة، رغم تطور شكل المسرح ومكانه، يعرضون فقط مسرحيات خاصة بالأعياد الدينية متجسدة في موضوعين رئيسين وهما، “التراجيديا”  مثل عروض الإلياذة والأوديسا التي كتبها الشاعر “هوميروس” التي كانت تمثل الصراع الاجتماعي الذي ينشب بين فئات مختلفة لمجتمع واحد، و” الكوميديا” وهي عروض “الديثرامب أو الديثراميوس” التي كان يُمجّد فيها إله الخمر والنشوة “ديونيزوس” بالأناشيد والرقصات.

كلمة مسرح تعود في أصلها إلى اللسان اليوناني (باليونانية: Theaomai)، ويعتبر الفن المسرحي أحد الفنون الدرامية التي تؤثر على الجماهير بشكل كبير، وذلك لأنّها تجمع ما بين التمثيل والغناء والرقص، ويستخدم الجمهور أثناء رؤيته للعمل المسرحي حواسه كالسمع والبصر وغيرها، لذلك فهي تترك انطباعا وتأثيرا كبيرا على المتلقيّ، إذ إنّ لكل عمل مسرحي رسالة يسعى إلى إيصالها للجمهور.

في ظل هذا الشمول الذي يمتلكه المسرح: أين نحن منه اليوم؟ هناك مسارح وهناك عروض متنوعة ومتاحة لكنها تفتقد الجمهور، الجمهور الذي يشكل أحد طرفي معادلة الابداع، المسرح والجمهور.

ورغم سطوة عالم التكنولوجية والكترونية التواصل الاجتماعي، فإن تنامي الثقافة المجتمعية يمكن أن تخلق جمهورا منتظما يتابع الانتاج المسرحي ويملأ مقاعد قاعات العرض بانتظام.

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة