سمير خليل
ماذا لو قدمنا اعتذارنا عن غلطة أو موقف أو إساءة جاءت عن قصد أو غير قصد؟ ما الذي نخسره إذا قدمنا اعتذارنا في تلك المواقف؟ الأمر يعود لثقافة الاعتذار وما يحمله هذا الاعتذار من معان وقيم.
البعض يعتبر الاعتذار انتقاصا من شخصيته، وقد يذهب به الظن أن الاعتذار هو بمثابة الاهانة له ولكبريائه واحترامه، هذا البعض عادة ما يكون حادا عند مناقشة قضية الاعتذار، فهو يخشى أن يمس هذا الاعتذار رجولته أيضا، خاصة إذا كان الموقف بينه وبين امرأة.
إذا: هل نحن بحاجة لثقافة الاعتذار؟ أعتقد أن الجواب سيكون حلبة صراع بين مؤيد ورافض، لكن المجتمعات التي تتمسك بثقافتها ووعيها وسعيها لأن تكون حضارية راقية، هي بالتأكيد بحاجة لثقافة الاعتذار، فهو ربما يفض نزاعات قاسية وشائكة وقد يغني المرء عن المواجهة بالكلام أو بالأيدي، وربما بالأسلحة.
وعادة ما يكون الرافض للاعتذار هو من يرى نفسه في منزلة أعلى من أقرانه، لذلك فهو يعد الاعتذار ضعفا، وانكسارا أمام من هو أدنى منه، وهو أيضا يشعر بأنه محصّن من الخطأ أو لا يخطئ أبدا، فهو بالتالي ليست له علاقة بما يسمى اعتذارا.
عندما تقدم اعتذارك فهذا لا يعني بأنك ضعيف أو فاشل، على العكس، فإن الاعتذار يساهم في تصحيح الأخطاء ويعطي انطباعا للمقابل بأنك ميال للحلم والعقل، مما يسقط في يده أي حجة لاستخلاص المقابل جراء خطأك بحقه.
ثقافة الاعتذار موجودة وحيوية في المجتمعات المتقدمة الراقية، لأنها تعد ركنا مهما في باحة التعامل الانساني والاجتماعي، لذلك تعمل هذه المجتمعات على زرع ثقافة الاعتذار في نفوس أولادهم وحتى أطفالهم، لأنهم على يقين من أن هذه الأجيال لربما تواجه موقفا محرجا لا يفض الا بالإعتذار من المقابل.
الاعتذار أحيانا يكون بلسما لجبر مشاعر المقابل، فأنت عندما تعتذر عن موقف أسأت فيه لشخص ربما يتملكه الإحباط. ويكون تأثير الخطأ بالغا في نفسه، ولكن عندما تتراجع عن خطئك، وتعتذر عنه، فإنك تنعش مشاعره وتعيد الاطمئنان الى نفسه.