سمير خليل
هل يملك الطفل عالما خاصا به؟ سؤال يبدو غريبا، استنادا الى كون الطفل يشكل أدنى مرحلة عمرية، وبالتالي فهو يفتقد الكثير من المعرفة والإدراك والقرار، بناءً على تكوينه الفسلجي والعقلي والنفسي أيضا.
البعض قد يجيب على سؤالنا هذا بالإيجاب، خلافا للكثرة التي تجيب بالنفي، لكن لو نظرنا للطفل من منظار آخر، منظار دقيق، نجد أن الطفل يعيش حالة خاصة تختلف عمن هو أكبر منه سنا، هذا أولا وقبل كل شيء، لكنه أحيانا يفاجئنا بلمحة أو تصرف أو احتجاج لحالة تعامل معينة، مثلا هو يرفض أن يتناول نوعا من الطعام، أو ملبسا معينا، أو سريرا للنوم، أو حالات رفضه لنشاطات تقوم بها الأسرة مثل الخروج من المنزل أو تنظيم حفلة لمناسبة معينة.
وبالمقابل هناك مشتركات بين الأطفال وحبهم ورغبتهم بأشياء وأمكنة وألعاب وأكلات معينة، فكثير من الأطفال يتفقون على الخروج من المنزل والذهاب الى أماكن اللهو واللعب والمتنزهات، كما أن أغلب الأطفال، إن لم نقل جميعهم، يعشقون الحلويات ومعها الآيس كريم، كذلك تسحرهم الموسيقى الخاصة بهم، واليوم نواجه حالة مخيفة نشترك بها جميعا وهي “ولع” الطفل بأجهزة الاتصال الحديثة، الموبايل والآيباد وألعاب الفيديو.
وسائل اللهو الخاصة بالطفل هذه، رغم أنها تشكل خطرا جسيما على الطفل، ذهنيا وعقليا، فإنها بالمقابل فتحت أذهان الأطفال على بعض المعارف التي واجهت الأطفال بشكل مبكر، ومنحتهم الجرأة لإطلاق عبارات تسمو على أعمارهم حتى أنهم لا يعرفون معناها، كما أن الكثير منهم صار يردد الأغاني ومحتوى البرامج التي يشاهدها بالتلفاز الخاص به.
إذ: يمكننا القول، أن عالم الطفل هو مزاجه ورغباته وما يخطر على باله لحظويا ويصر على الحصول عليه، فالتغيرات المزاجية عند الأطفال هي الاستجابة المتأخرة إلى مواقف صادفتهم، فيما تتشابه هذه التغيرات عند الأطفال في شكلها مع التغيرات المزاجية للبالغين، الا أن الأطفال أقل مهارة في مداراة هذه المشاعر المتقلبة، فيظهر عليهم تبدل الحال بشكل واضح ينعكس على ملامحهم البريئة ونبراتهم المتفائلة وتصرفاتهم العفوية.
من كل ما تقدم نأتي الآن الى ما يقع على عاتقنا كاسرة ومجتمع، بان نستوعب هذا العالم الذي يكتنف حياة أطفالنا بكل تفاصيله ودراستها بعمق كي نستطيع أن نتعامل مع هذا البرعم الصغير ونصوغ لغة سليمة خالية من كل الشوائب للتحدث والتعامل معه.