رعد العراقي
أكاد أجزم أن كُل من شاهد مباراة منتخبنا للناشئين ونظيره الأوزبكي ضمن الجولة الثالثة والأخيرة من تصفيات كأس آسيا تحت 17 عامًا أيقن منذ بدايتها أن نتيجة المباراة ستذهب إلى المنتخب الأوزبكي لا محال ليس لمستواه الفني العالي، بل للأسلوب التكتيكي الذي اعتمده الكادر التدريبي بغلق المنطقة الدفاعيّة والعودة إلى الوراء وترك المنافس يصول ويجول بنقل الكرة وتشكيل ضغط مستمر يكتسب معه الثقة والرغبة مع مرور الوقت!
فقد لاعبونا التركيز واختفت الفوارق الفنيّة بعدما تدافعوا للحصول على نقطة لا غير تضمن لهم صدارة المجموعة، وبالطبع فإن هذا السيناريو كان جزءًا من محاضرة الكادر التدريبي، فبدلاً من تكريس انتزاع الفوز تراه يخالف كُل وسائل علم النفس في التعامل مع الفئات الصغيرة ليتحوّلوا دون وعي منهم إلى شواخص خائفة لا تعرف التعامل مع مباراة مصيريّة!
لم نستنتج تلك الرؤية من خيال ممزوج بالحسرة والغضب بعد أن تنازل منتخبنا عن عرش الصدارة بخسارته بهدف واحد وفقد فرصة التأهّل كأفضل ثانٍ، بل هو تأكيد على ما صرّح به سابقاً المدرب أحمد كاظم حينما أكّد أن المستوى الفني للاعب العراقي لا يؤهّله لمنافسة منتخبات كبيرة، وهو اعتراف صريح لا لبس فيه يؤكّد أن “الفكر التدريبي” للجهاز الفني يحمل جينات التردّد والخشية عند مواجهة المنتخبات القويّة، لذلك يسعى إلى التكتيك الدفاعي وتقييد اللاعبين وسلب كُل قدراتهم الفنيّة، بينما تراه يستأسِد ويهزم منافسيه من الفرق الضعيفة بنتائج كبيرة تسجّل كإنجاز له يغطّي على أدائه السيئ في المواجهات القويّة.
وهنا نتساءل إذا كان الكادر التدريبي لا يمتلك الجرأة والثقة بلاعبيه ولم يعمل طوال سنوات على خلق جيل متسلّح بعوامل الثبات والقوّة، فكيف سيقنع لاعبيه ذهنيًّا ونفسيًّا في الوقوف بالندّ مع المنتخبات القويّة؟
قبل خوض التصفيات وبعد متابعة المستوى العام لناشئينا ومنظومة الإدارة الفنيّة وجّهنا عدّة رسائل عبر الصحافة إلى اتحاد الكرة ولرئيسه الكابتن عدنان درجال شخصيًّا طالبنا فيها بإعادة النظر بالكادر التدريبي وبعض الاسماء ليس انتقاصًا منهم، بل لأن الفئات العمريّة تحتاج إلى جهاز فني متخصّص يعمل بمسارين الأوّل استقطاب الموهوبين دون مُحاباة ويمكن أن يقودهم بأسلوب اللعب الحديث وبمنهج متطوّر محاولة لمغادرة الأساليب القديمة باللعب الطويل، أما المسار الثاني فهو قدرته على تنشيط الجانبين الذهني والنفسي وغرس عوامل الثقة بالنفس دون النظر لمستوى المنافسين.
نقول.. بات من الضروري أن يرفع اتحاد الكرة الحرج عن نفسه وينتصر لمستقبل الكرة العراقيّة المتمثلة بمنتخبات الفئات العمريّة من خلال وضع لائحة بالضوابط التي سيتم اعتمادها باختيار الكوادر التدريبيّة لتلك الفئات بدءًا من امتلاك المدرب لشهادة ( برو) وخبرة طويلة بقيادة الأندية على مستوى النخبة، وتحقيقه إنجازات فعليّة، ولديه سيرة ذاتيّة بصفات شخصيّة تمكّنه من التعامل مع الفئات الصغيرة أو الاتجاه لكوادر أجنبيّة متخصّصة، والأهم أن نغادر فكرة الاعتماد على لاعبين اعتزلوا حديثاً ليتولّوا مهمّة حسّاسة لا خبرة لهم بها، وهنا يمكن أن نعود بالذاكرة إلى المرحوم شيخ المدربين ” عمو بابا ” كيف تولّى تدريب منتخب الناشئين عام 2000 دون تردّد أو الشعور بالانتقاص لتأريخه وهو مَنْ قاد قبلهم عديد الأندية الجماهيريّة والمنتخبات الوطنيّة وحقق أكبر الإنجازات للكرة العراقيّة.. فهل من يتَّعِظ ويفهم الدرس!