زاهر العريضي
في نهاية المطاف، تجلس على شرفة بيتكَ وتنظر إلى المشهد أمامكَ.
لست بحاجة إلى ممارسة القسوة على نفسكَ.
كلّ الذي حدث هو جزء منكَ.
كان يمكن أن تكون أقلّ جدّيَّة، أن تتعاطى مع الحوادث بطريقة مختلفة.
أن تستخدم نمط السخرية، وتتحلّى ببعضٍ من الفكاهة.
أن تكون أقلّ عاطفةً، أكثر مغامرةً، أقلّ انفعالًا، أكثر هدوءًا.
أن تُقلِع عن التدخين، وتُقلِّل من احتساء الكحول.
أعتقد أيضًا، كان مفيدًا لو أعطيت وقتًا للتمارين الرياضيّة، وقسطًا آخر للقراءة ومشاهدة الأفلام والعروض الثقافية.
ولا بأس من اللهو مع الأصدقاء بعض الشيء.
أمّا الفجوة الكبيرة في نظام غذائكّ الصحيّ،
فيبقى الخطأ الفادح بلا شك، أنّكَ ما زلت على قيد الحياة.
كيف حدث ذلك؟ إنّه فعلًا أمر مريب!
ما زلت تجلس على شرفة بيتكَ، وتتأمّل المشهد أمامك الذي لم يتبدّل،
لكنّك أنت حُكْمًا تغيَّرتَ كثيرًا.
كم ذلك رهيب!
خارج السياق
خارج السياق،
كلّ ذلك تلاشى
خلف البحر.
المرأة التي قرأت كفّ يدي،
بائع القهوة الذي ابتسم لي،
الكتب التي خرجْتُ منها منهكًا،
كلّ ذلك تلاشى،
كأنّي خارج السياق
أبحث عن الهامش الأحمر،
من أجل خطوات طفلتي
في مدينة دخلت العناية الفائقة
على صوت موسيقى الذاكرة
تسمع قصص حفّار القبور.
الأحلام التي تعفَّنَتْ قبل الأجساد،
خارج السياق
تخرج من مَصَحٍّ عقليٍّ
كنتَ تظنُّه حانَةً دافئةً.
تُعلّق المشانق في الشوارع
وتمضي إلى نومك السريريّ.
تُغلق أبواب سجنك
وتفتح الثلّاجة،
تحمل بين يديك
إبداعاتك المجمَّدة،
وتجلس على الكرسيّ الوحيد
تتمرّن على خطابك اليتيم.
هلوسات من البحر الأبيض المتوسّط
إلى جبال لبنان الشامخة،
من مدن كنعان
وكلّ الذين رفعوا راياتهم
خلف الأسوار.
هات ما عندك أيّها التاريخ.
تكلَّمي أَيّتها الأرض.
خارج السياق
كنت أنتظرك في المقهى الآخر،
لكنّني تأخّرتُ قليلًا.
سامحيني أَيّتها الغريبة،
بِعْتُ كلّ قصص الأطفال
في الطريق إليك.
غامرت في قصص جدّي،
وجَدَّتي استهلكَتْ حكاياتها،
لم أبْقَ إلّا أنا هنا.
هذه قصّتي
كي لا يكتبها الأموات.