«الصباح الجديد» تبحث في أوضاعهم
السليمانية ـ عباس كاريزي:
محمد احد الاطفال الصغار الذين تجدهم يجوبون الشوارع يقفون عند اشارات المرور يبيعون المناديل الورقية واكياس النايلون في سوق السراي بمحافظة السليمانية، لكسب لقمة العيش واعالة عائلاتهم النازحة من وسط وغربي البلاد.
عشرات الاطفال دون سن العاشرة وفي سن صغيرة يعملون في بيع اكياس النايلون وغيرها من البضائع التي يحملونها في ايدهم ويروجون لها في سوق السراي بمحافظة السليمانية، وعند سؤالنا لاحدهم وجدنا ان اغلبهم من محافظتي صلاح الدين و والانبار.
محمد الذي يجوب برفقة اخيه سعد السوق جيئة وذهابا قال للصباح الجديد انه جاء الى محافظة السليمانية بعد دخول داعش الى مدينتهم بمحافظة صلاح الدين، منذ ثماني سنوات، وهو يسكن الان في مخيم عربت للنازحين مع عائلته التي تتكون من ستة افراد.
سألته الصباح الجديد عن اوضاعهم المعيشية وكيف يحصلون على مصدر رزقهم، وقوتهم اليومي فقال،» انا وأخي سعد نعمل في بيع اكياس النايلون ونجني من وراء عملنا ما يقارب 30 الف دينار يومياً، بينما يعمل اخي الاكبر عمر في احد شركات تنظيف الشوارع والازقة، الا انه راتبه الشهري لايتجاوز الـ 400 الف دينار، وهو يتكفل بدفع ايجار المنزل الذي نسكنه في محلة ازادي بمحافظة السليمانية».
وفي معرض اجابته عن سؤال حول اسباب عدم عودته وعائلته الى مسقط رأسهم في مدينة صلاح الدين اضاف، «بعد ان استشهد والدي على يد ارهابيي داعش عام 2015 تركنا المدينة، ولم يبق لنا فيها سوى ذكريات مخيفة واليمة، ونحن نعيش هنا في منذ سنوات، احوالنا المعيشية جيدة وهناك امن واستقرار.
محمد واخيه الزان تركا دراستهما في الصف الرابع الابتدائي، ودخلا الى سوق العمل باكرا برغم وجود قوانين تمنع عمالة الاطفال وتفرض على ذويهم ادخالهم الى المدارس، ليحصلوا على فرصتهم في الحصول على تعليم ومستقبل افضل.
رئيس منظمة الامل زانا رسول اكد، ان الحكومة الاتحادية او حكومة الاقليم والمنظمات المعنية غير قادرة على المنع والحد من عمالة الاطفال وضمان حصولهم على غير رغيف العيش وعدم استغلالهم.
واضاف في تصريح للصباح الجديد، ان البطالة وتدني المستوى المعيشي ومستوى دخل الفرد والعائلة في الاقليم يدفع يوميا بعشرات الاطفال الى ترك صفوفهم التعليمية والتوجه الى القيام باي عمل يدر عليهم اجرا يوميا يسدون به رمق عيشهم.
واشار الى ان حكومة الاقليم غير قادرة على توفير فرص عمل للشباب والعاطلين عن العمل من الخريجين الذين يجوبون الشوارع يومياً، او يتخذون خيار الهجرة ويسلكون طرق غير شرعية يقودهم مهربون منزعو الضمير الى مصير مجهول يواجهون فيه خطر الموت.
مدير مركز التنسيق المشترك للازمات في وزارة الداخلية بحكومة الاقليم هوشنك محمد اكد من جانبه، ان حكومة الاقليم بحاجة الى مليوني و700 الف دولار يومياً لتقديم ادنى مستوى للخدمات للنازحين من محافظات الوسط والغربية المتواجدين في الاقليم.
واضاف محمد في حديث تابعته الصباح الجديد، ان هناك مليون و50 الف نازح ولاجئ ومهجر في اقليم كردستان، لايحصلون على المساعدات المطلوبة، لافتا الى ان تقليل المساعدات والدعم المادي من قبل الامم المتحدة للمهجرين اثر بنحو كبير على اقتصاد اقليم كردستان، نظرا لان الحكومة الاتحادية قطعت الميزانية التي كانت تخصصها للنازحين داخل البلاد.
واشار محمد ان 788 ألف مهجر هم من داخل العراق و243 ألف اخرين لاجئين ومهجرين من سوريا و8 الاف و500 لاجئ من تركيا و 10 الاف و 800 اخرين لاجئين من ايران، و700 من فلسطين.
وحول المساعدات التي تقدمها الامم المتحدة الى المهجرين واللاجئين، اوضح هوشنك محمد، ان المساعدات مستمرة، وأردف قائلاً، « الا ان مقارنتها بالسنوات الخمس الماضية فإننا نجد بان هذه المساعدات التي كانت تقدم من قبل الدول المانحة للعراق انخفضت بنحو كبير، اضافة الى انخفاض المساعدات التي كانت تقدم للإقليم من قبل الحكومة العراقية».
وفي معرض اشارته الى الانخفاض الحاد في حجم المساعدات التي كانت تقدم للعراق، قال محمد،» ان العراق تسلم خلال السنوات الخمس المنصرمة نحو 7 مليارات كمساعدات مالية مقدمة من قبل الامم المتحدة والدول المانحة، التي انخفضت سنويا، ووصلت الى 500 مليون دولار بعد ان كانت مليار و90 مليون دولار في عام 2015.
واضاف ان المساعدات التي تقدمها الامم المتحد الان تكفي لسد حاجة 25 % من متطلبات واحتياجات النازحين والمهجرين في الاقليم، ما يجبر حكومة الاقليم الى تأمين الـ 75 بالمئة المتبقية وهو ما اعتبره عبئ مالي كبير على كاهل حكومة الاقليم.
يشار الى ان نسبة المهجرين والنازحين في الاقليم بلغت قرابة 3 ملايين شخص بعد دخول تنظيم داعش الارهابي الى سوريا والعراق عام 2014، ما دفع بالإقليم الى اتخاذ اجراءات لإيواء الاعداد الهائلة من النازحين من سوريا ومناطق وسط وغربي والبلاد، وبعد القضاء على داعش وتحرير محافظات الموصل وصلاح الدين والرمادي واقضية في كركوك وديالى، من عناصر التنظيم بدأت اعداد كبيرة من النازحين بالعودة، الى مناطقهم الاصلية، الا ان نسبة 30% منهم ما زالوا في الاقليم يرفضون العودة ويفضلون البقاء في محافظات الاقليم، برغم التسهيلات والمساعدات التي قدمتها لهم الحكومة الاتحادية.