الإنجازات الوطنية سلاح السيادة وبوابة العالمية

الدكتورة الحقوقية ليلى الدليمي

في عالمٍ تزداد فيه المنافسة بين الدول، لم تعد السيادة مجرد مفهوم سياسي تقليدي، بل أصبحت تعكس قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبناء مشاريع استراتيجية تُعزز مكانتها الدولية. فالإنجازات الوطنية، سواءً في المجال الاقتصادي أو التقني أو الثقافي، ليست أدوات للتنمية الداخلية فحسب، بل هي ركائز لتعزيز الهوية وصنع قوة ناعمة تجعل الدولة لاعبًا مؤثرًا في النظام العالمي. 

عندما تستثمر الدولة في مشاريع حيوية كالطاقة المتجددة أو الأمن الغذائي، فإنها لا تقلص اعتمادها على الخارج فقط، بل تُرسِّخ سيادتها باتخاذ قرارات مستقلة. على سبيل المثال، تحوُّل دول مثل المغرب والإمارات إلى الطاقة الشمسية حوَّلها إلى نموذجٍ يُدرس عالميًا، بينما عزز اكتفاء السعودية في القطاع الزراعي أمنها الوطني. هذه الإنجازات تُترجم إلى قوة تفاوضية في المحافل الدولية، وتُظهر للعالم أن السيادة تُبنى بالإرادة والخطط الواضحة. 

على الصعيد الدولي، تُصبح الإنجازات مرآةً تعكس صورة الدولة. مشاريع مثل برنامج الإمارات الفضائي أو “رؤية السعودية 2030” حوَّلا هاتين الدولتين إلى رمزين للابتكار والطموح، وجذبا استثماراتٍ وشراكاتٍ دولية. أما الإنجازات الثقافية، كمتاحف مصر الأثرية، فقد خلقت قوة ناعمة تُعيد تشكيل التصورات العالمية وتُعزز النفوذ الدبلوماسي. 

ومن المعلوم أن نجاح هذه الإنجازات يتطلب شراكةً واعية بين الحكومات والمواطنين. فالدعم الشعبي، عبر المشاركة في المشاريع أو الترويج لها، يُضفي شرعيةً عليها، بينما يُحفز الحكومات لتعزيز الشفافية ومراعاة الأولويات المجتمعية. في المقابل، يجب تجنُّب الإنجازات “المظهرية” غير المستدامة التي قد تتحول إلى أعباء مالية أو أزمات بيئية. 

ختامًا، السيادة الحقيقية لا تُعلن بالخطابات، بل تُصنع بالإنجازات التي تلمس حياة المواطن وتُبهر العالم. وهي مسؤولية مشتركة: حكوماتٍ تضع الخططَ الطموحة، وشعوبٍ تتبنى المشاريعَ كقصة نجاح جماعية، لتصبح السيادة عنوانًا لواقعٍ ملموس، لا شعارًا يُرفع.

لذا نشيد بالإنجازات الكبيرة الحاصلة في بلدنا في الوقت نفسه نحتاج عين منصفة وايجابية لرؤيتها وتطوير العمل الحكومي في مؤسسات الدولة كافة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة