حجاج سلامة
يواصل الناقد المصري عبدالله السمطي إصدار كتاباته النقدية التي تُعنى بفن الشعر العربي، حيث يصدر له هذا الأسبوع كتاب نقدي جديد بعنوان: ( جسدُ النّصّ بين الصّلْبِ والترائب ) عن دار الأدهم بالقاهرة، الطبعة الأولى 2025 متضمنًا 50 دراسة ومقالة نقدية تدور كلها حول فن الشعر العربي الحديث، وتتواترُ عبر ثلاثة أقسام هي: جسد النص، والصُّلب والترائب، وتلامسُ مختلف الأشكال الشعرية في المشهد الشعري العربي، كما أنها تتناول تجارب عشرات الشاعرات والشعراء العرب المعاصرين ومنهم:
قاسم حداد، نوري الجراح، نهيد درجاني وعباس بيضون أمجد ناصر، سيف الرحبي، سركون بولص، عادل خزام، خالد المعالي ومحمد صالح وبول شاؤول وعيد صالح ومحمد المزروعي.
جنبا إلى جنب مع: أحمد صالح الصالح (مسافر) ، ومحمد الثبيتي ، فوزية أبو خالد، عبدالله الصيخان، عبدالله الزمزمي، جاسم الصحيح، أحمد عائل فقيهي، إبراهيم زولي، ودخيل الخليفة، وهدى الدغفق، وروضة الحاج، ولطيفة قاري، ورانيا كرباج، وميادة سليمان.
مع قراءات عن أبرز شعراء السبيعينيات بمصر: رفعت سلام، حلمي سالم، وعبدالمنعم رمضان وجمال القصاص ومحمد سليمان وغيرهم.
وقراءات في شعر شعراء الحداثة في الربع الأول من الألفية الثالثة منهم: سالم الهاشمي، أحمد العلي، محمد الحميد، محمد سيدي، وسهام محمد وسميرة السليماني، وإسراء العكراوي، وفوز ريا ، وعلياء الجراح مع رواد الشعر: نزار قباني، والسياب، وصلاح عبدالصبور ومحمود درويش وآخرين .
يقول عبدالله السمطي في مقدمة الكتاب: ” إن النص الشعري ، أو أي نص أدبي مبدع، هو عبارة عن جسد، قوامه اللغة، وعماده الكلمات، وجوهره الإيحاء والإيماء والرسالة التي ينطوي عليها خطابه، هذا الجسد له صلب قوي يتكئ عليه، بل يشكل البصمة أو الأسلوب أو الظاهرة التي تميز نصًّا عن نص، وشاعرًا عن شاعر، وشاعرة عن شاعرة، وقصيدة عن قصيدة”.
ويبين مبررات اختياره لهذا العنوان بالقول:
إذا استعرنا هذه السمة الجسدانية للنص، برؤية نقدية سوف نصل إلى قراءات عن هذا الجسد النّصّي، ونصبو إلى مكاشفة مكوناته وخصائصه وملامحه الفنية والجمالية والسيميائية والبنائية كذلك. كل نص له بنيته، وله قوامه وصلبه وترائبه الصغيرة المكونة له، فاللغة والجمل والكلمات والحروف والإيقاعات والمعاني والدلالات هي صلب النص وجواهره وأيقوناته وعظامه وترائبه، وحين نتعامل مع هذه الأجساد النصية المتنوعة فإننا نتعامل مع سلالات نصية متعددة، لها أشكالها وبنياتها، ومع نطف وبويضات خصبة وخلاقة، تتلاقح جميعا لإنتاج هذا النص الحيّ الذي نستنطقه بآليات التنظير والتطبيق معا، ونقرأه قراءة حرة خاصة به، كل نص/ جسد له حضوره وسماته وملامحه، كل نص مرتبط بشاعره وشاعرته ارتباطًا عضويًّا، يستقي منهما، ويجري في أوردتهما وشرايينهما، ويعبر عن خلاياهما وجيناتهما. كل نص/ جسد هو صورة من مبدعه، ومن خلاقه، يولد معه، ويكبر معه، ويراهقُ معه، ويمضي إلى فحولته التعبيرية مع الشاعرة أو الشاعر، حتى يستوي بحضوره المنمق الدال الجميل، لكنه لا يشيخ، بل يخلدُ مع الزمن، ليقدم هذه الصورة لكل عصر من العصور المقبلة.
يستهل الكتاب بدراسة طويلة بعنوان : ” بين بلاغة الصورة وسردها قصيدة النثر الراهنة وصنع الرؤية الجمالية” يتناول فيها السمطي مجموعة كبيرة من شعراء قصيدة النثر ، تليها دراسة عن: خصائص الأسلوب في شعر السبعينيات في مصر، ثم دراسة عن تجربة الشاعر اللبناني الكبير : نهيد درجاني بعنوان: بين تفجير اللغة وتخصيب سلالات الخيال، ثم يتبع ذلك مجموعة كبيرة من المقالات النظرية حول فن الشعر عن لغة القصيدة، والوعي الشعري، والكلمات في الشعر، وصنع السياق الجمالي، وقصيدة النثر، وجماليات اللا مكتوب، وعرامة الخيال النقدي وغيرها من الموضوعات.
وفي القسم الثالث يتناول مجموعة كبيرة من الدواوين الشعرية، ويحلل بعض القصائد والأبيات الشعري مختتما بتحليل موسع لبيت نزار قباني عن طه حسين:
ضوء عينيك أم هما نجمتان؟
كلهم لا يرى وأنت تراني .
وفي كتاب : ( جسدُ النّص : بين الصّلبِ والترائب) قراءات نقدية للظاهرة الشعرية العربية بمختلف أطيافها وأشكالها، كان السمطي قد نشرها في صحف ومجلات عربية خلال الفترة ما بين 1997-2024م حيث توجد قراءات عن القصيدة العمودية والتفعيلية وقصيدة النثر، وهذه القراءات النقدية تتحرك على مساحة جغرافية كبيرة في وطننا العربي، لتقصد إلى قراءة الشعر نفسه، وإلى رصد التمظهرات النصية المتعددة له، ما بين قراءة للظواهر الفنية الشاملة ، وقراءة لعدد من التجارب الشعرية والأصوات الشعرية المتنوعة، وقراءات لعدد من الدواوين تتبعها قراءات لعدد من القصائد بل وللأبيات الشعرية أو التعبيرات الشعرية المفردة، وتشكل الدراسات الأولى به جسد النص، فيما تشكل بعض الدراسات والمقالات النظرية صلب البنى الشعرية إذ تتناول مجموعة من الآليات والتقنيات الفنية التي ترتكز عليها القصيدة في حال إبداعها، أما الترائب النقدية هنا فهي تمثل القراءات الخاصة بالدواوين والقصائد والأبيات الشعرية.
ويأتي هذا الكتاب ليكمل الرؤية النقدية التي اعتاد السمطي على إبرازها وذلك بالتركيز المنهجي على تبيان جماليات النصوص وآلياتها الفنية، وليوثق هذا العدد الكبير من الدراسات والمقالات التي تشتغل على الظاهرة الشعرية العربية بمختلف مكوناتها وأطيافها الفنية والجمالية.
يذكر أن عبدالله السمطي أصدر أكثر من 30 كتابا من قبل ما بين الشعر والنقد الأدبي من أبرزها : أطياف الشعرية، ونسيج الإبداع، والموسوعة النقدية لقصيدة النثر العربية، والسماء الجنوبية للحب، وسرير الحطاب، ورايات بلا أوسمة .