سلام مكي
دخل قرار مجلس الوزراء القاضي باستقطاع نسبة 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين حيز التنفيذ، بعد أن أطلقت وزارة المالية مؤخرا تلك الرواتب. ورغم تأخرها عن الموعد بعدة أيام، والتصريحات التي تتحدث عن وجود أزمة مالية خانقة تمر بها الحكومة والتي قد تؤثر على تمويل الرواتب في الأشهر القادمة، وجد الموظفون والمتقاعدون أن رواتبهم ناقصة، والسبب كما أعلموا أن الحكومة نفذت قرارها القاضي باستقطاع 1% منها. حالات رفض واستنكار كبيرين، شهدها الشارع العراقي، حيث اتفق الجميع على أن الحكومة خالفت القانون، لأن الرواتب هي حق قانوني ودستوري، الحكومة ملزمة بتوفيره في موعده ووفقا للنسب المحددة وفقا للقانون، وأي مبالغ تستقطع من تلك الرواتب، يجب أن تكون وفقا لقانون نافذ، صادر من مجلس النواب. لكن أن يقرر مجلس الوزراء، استقطاع جزء من الرواتب، لأجل مساعدة غزة ولبنان، يعد إجراءً لا سند له من القانون، ولا مبرر لها، كما أن الشعب، ونتيجة لتراكم السياسات والاخفاقات والفشل الذي شهده من الطبقة السياسية الحالية، لم يعد يثق بأي إجراء يصدر من الحكومة، فحتى لو افترضنا جدلا، أن الشعب وافق ولم يعترض على هذا الاجراء، فإنه لا يثق أبدا أن تلك الأموال ستذهب الى الغرض التي اقتطعت من أجله! ستة أشهر، هو الوقت الذي حدده مجلس الوزراء لنفاذ قراره بالاستقطاع، مما يولد مبالغ مالية طائلة تصل الى مليارات الدنانير، وهي أموال العراقيين، وللأسف، لا يوجد أي قانون يخول الحكومة التصرف بها لغير الأغراض التي خصصت له، كما أن أي مبالغ تصرف لغير الشعب العراقي، يجب أن تنال موافقته أولا، لأن تلك الأموال، أموال الشعب، ولا يجوز التصرف بها دون موافقته.
الحكومة العراقية، انفردت بهذا الاجراء عن باقي حكومات العالم كله، حيث لم تبادر أي حكومة، باستقطاع جزء من رواتب موظفيها لدعم غزة ولبنان! لأن تلك الحكومات، تدرك أن شعبها أولى بأمواله من غيره. ما نحتاج اليه اليوم، هو موقف شجاع، يقف بالضد من قرار الحكومة، والموقف هو سلوك الطريق القانوني لغرض إلغاء القرار، وهو الطعن بعدم دستوريته أمام المحكمة الاتحادية، كونه مخالف للدستور.