الرئيس الحاضر

ربما هي قيمة الحياة العظيمة ومعناها الكبير أن تبلغ بالعراق إلى هذا الواقع السياسي والإنساني المثمر على الرغم من جميع الأحزان الدفينة في أفئدة العراقيين الشرفاء.

بداية نتوجه بالدعاء والأمنيات القلبية أن يتعافى الرئيس العراقي المحترم جلال الطلباني ويعود لمزاولة عمله الضخم كرئيس لجمهورية العراق الديمقراطي الجديد. يجدر بنا التنويه إلى أن الرئيس جلال الطلباني هو أول رئيس مدني منتخب للجمهورية العراقية منذ نشؤها كدولة ملكية في العام 1921.

وحدها الأقدار التاريخية هي التي وضعت مثل هذه المعادلة الصعبة تتحق في العراق السياسي الجديد. أن يحكم العراق زعيم سياسي عراقي كردي، لم يكن ذلك يدخل في مخيلة أي سياسي عراقي عربي حتى من باب الأحلام وأضغاثها. لكن الذي حصل بالفعل هو ما كان يحتاجه العراق الجديد بالضبط. حيث لم يتوفر في العراق سياسي مخضرم وله الخبرة الكبيرة بوضع المجتمع العراقي بجميع مكوناته وإثنياته وأحزابه الدينية والسياسية اليسارية واليمينية، العنصرية والتقدمية، في الشقين الكردي والعربي سوى هذه الشخصية السياسية الفذة. لم ينتج العراق الرسمي “العربي” شخصيات سياسية مهمة بسبب الأنظمة الديكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق بعد الإطاحة بالنظام الملكي.

الدكتاتور يلغي الرجال المتعلمين والمعلمين الكبار لصغر حجمه أمامهم مهما بلغوا من التواضع وحب خدمة الوطن بإخلاص. والنتيجة قتل وتدمير ونفي جميع هذه الملاكات وتغييبها من ساحة العمل السياسي الوطني. الفرص التي توفرت للزعيم جلال الطلباني تختلف بسبب قوميته الكردية التي حمته عبر نضال قاس وطويل. وهو فضلا عن ذلك، لم يكن من الطامحين للمنصب الأعلى في الجمهورية العراقية الجديدة. المنصب الرئاسي الذي منع حروبا أهلية كانت على وشك الحدوث.

ليس من الصحيح أن المناصب السيادية العراقية توزع حسب القوى السياسية وحجم نفوذها على الساحة. ليس هذا الأمر واردا في الدستور العراقي في أي بند من بنوده. تحاول القوى السياسية جعل الأمر هكذا لكنه في النتيجة مخالفا للدستور. الرئيس جلال الطلباني هو أحد العناصر المتوازنة التي منعت الكثير من الخصومات السياسية لتتحول إلى خصومات عسكرية ومنع الكثير من فرص الحرب الأهلية في العراق. نحن كشعب عراقي وكسياسيين نحترم ونقدر عاليا جهود الرئيس جلال الطلباني، فهو في رقدته وهبة الحياة من الخالق مازال يمنع مثل هذا التدهور في الوضع السياسي بالعراق لمجرد أنه على قيد الحياة. قيمة الحياة أكبر وأكثر معنى لهذه الشخصيات المؤثرة في التاريخ. العافية والصحة لهذا السياسي العراقي المخضرم الطيب الكريم والكبير.

 

علي عبدالعال

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة