ستار كريم مظلوم
مما لاشك فيه، أن المحاولات الجادة والمبادرات الخلاقة التي يقف وراءها الشباب من الشعراء والملحنين والمطربين، قد دفعت بعجلة مسيرة الأغنية العراقية المعاصرة في المرحلة الحاضرة خطوات واسعة إلى الأمام، وضخّت جسمها النحيل بدماء حارة ومتدفقة، مما قد ساهم في فتح الآفاق الرحبة والكبيرة أمام هذه الأغنية الشابة لكي تكون هي الأغنية الشابة المنشودة أو الأغنية التي نريد لها أن تبقى وتعيش في ضمير ووجدان المشاهد والمستمع العراقي. وفي هذه المرحلة بالذات أصبح من الضروري والمنطقي أيضاً وجود مثل هذه الأغنية المعبرة والمتفاعلة. الأغنية الحية التي لا ينحسر ظلها بسرعة، كما اعتدنا وعبر سنوات طويلة مضت ذلك السيل الجارف من الأغاني التي شوهت بفعل عدم أصالتها وابتعادها عن الواقع الموضوعي المعاش، ذلك الوجه الناصع الذي يجب أن يبقى ناصعاً متألقاً في جبين الأيام. ذلك الوجه هو وجه الأغنية الشعبية المعبرة عن حاجات شعبنا وتطلعاته في شتى مراحل حياته وأطواره في الريف والمدينة، وكان من الطبيعي أن تظهر حركة شابة جريئة متطورة تكنس كل مخلفات الماضي البغيض الذي أعاق مسيرة تطور أغنيتنا العراقية الأصيلة، فكان أن سطعت في سماء الأغنية العراقية نجوماً لامعة تلألأت في سمائها الرحبة، تمثلت في رواد الأغنية السبعينية، ياس خضر، فاضل عواد، حسين نعمة، سعدون جابر، ستار جبار، وسعدي البياتي. ولد الفنان الراحل سعدي البياتي في بغداد – الكرادة الشرقية عام 1943 ولد كفيف البصر فعوضه الله بموهبة الصوت الجميل ومنذ طفولته راح يتعلم أصول تجويد القرآن الكريم فأزداد خبرة بالانغام وأصول المقامات والأدوار الغنائية العربية، ثم درس العزف على آلة العود وتفوق في مداعبة أوتاره، ودخل عالم الغناء الريفي ناضج الموهبة متسلحاً بالثقافة الموسيقية ومهيأ لأداء كافة الأطوار والأغاني العراقية منها والعربية، وملماً بأوزانها وأنغامها ويمتلك أذناً موسيقية تخوله أداء أصعب الأطوار. ذلك لأنه يمتلك الريشة الحساسة والصوت العذب والمعرفة التامة بأصول الغناء ونادراً ما تجد هذه المزايا مجتمعة في شخصية فنان مرهف الحس مثل الفنان الراحل سعدي البياتي، أما الأطوار التي كان يجيدها الفنان الراحل سعدي البياتي فهي، الحياوي، المجراوي، العياش، الصبي، العنيسي، المثكل، الملائي، المشموم، الشطراوي ويجيد ايضاً غناء البستة وغناء ريف البادية كالسويحلي والعتابة والنايل، وغيرها، دخل الفنان الراحل سعدي البياتي دار الإذاعة العراقية عام 1965 بصفة منشد في كورس الإذاعة العراقية بعدها قدم العديد من الأغاني الفولكلورية من اذاعة وتلفزيون بغداد ومنها، لا يولدي، الكوفة والعشار حنت عليه، الوجن، هذا الحلو، براضة امشي ابراضة، بسكوت اون ، عاين يادكتورـ يازين، يا أميرة، سافر الفنان سعدي البياتي خلال حياته الفنية الى العديد من الأقطار العربية ، سوريا ، مصر، الاردن، قطر، السودان، تونس، قدم فيها مختلف أطوار الغناء العراقي ، لقد كان الفنان الراحل سعدي البياتي، ذكياً في اختيار الأغاني التراثية البغدادية القديمة وتقديمها بأسلوب جديد مما أضاف لها طابعاً جمالياً عذباً بالإضافة الى إجادته التامة للأطوار الغنائية الريفية، رحل الفنان سعدي البياتي العام 1996 تاركاً ثروة غنائية من الأغاني الفولكلورية البغدادية والشعبية.
سعدي البياتي والابداع في أداء الأغنية الشعبية
التعليقات مغلقة