أكتب لأستدرج الأنهار العظيمة

فتحي مهذب تونس

 

لم يصدقني أحد.

حين قلت: إن الشمس شقيقتي الصغرى.

فرت من معتقل الوشق الأحمر.

والتصقت بالسماء.

*

لم يصدقني أحد

حين قلت: إني انتحرت منذ عشرين سنة.

لما صعدت بحبل مخيلتي الطويل

برج كنيسة مهجورة.

وألقيت نفسي في الهاوية.

كان علي أن أشق جيب معدتي مثل ساموراي شريف.

يومها اختفت أمي في براري ألف ليلة وليلة.

ظلت تفرغ أكياس دموعها في المرتفعات.

ومن شجرة إلى أخرى

كانت ترعى غيومها الكثيفة.

مثل قطيع من الشياه الضريرة.

غير أن المسيح رق لحالها.

جاء بدمه وصلبانه.

بخبزه ونبيذه.

طويلا مثل زرافة .

يجر عربة يد مكتظة بالنجوم. وبنبرة قائد أوركسترا

بعثني من مرقدي .

ثم وهبنى صلبانه لأواصل الطريق إلى كنعان.

بعد قيامتي تحولت أمي إلى سنديانة.

يباركها حتحور في الأوقات الحرجة.

ومع ذلك لم يصدق أحد قيامتي التي خذلتني مرارا.

*

لم يصدقني أحد

لما وهبت خاتمي لفهد مكسور الخاطر.

وآويت أقزاما جائعين في نص مليء بالفواكه.

وهبت عكازا من الخشب الأحمر.

لظل عضه كلب سلوقي

في البلكونة.

غيرت مجرى النهر من عمودي الفقري إلى حجرة النوم.

*

لم يصدقني أحد

لما أحدثت ثقوبا فظيعة في عجلة عربة الله.

لئلا ينقل الأبدية من حديقة رأسي

إلى مكان غير معلوم.

ورميت سناجب الغفران بالحجارة.

لأني نصف إلاه.

ومصارع فذ لوحوش العدم.

*

لم يصدقني أحد لما قلت:

إن الفراشة زوجتي السابقة.

اختلست نصوصي وفرت صوب الحقول.

يومها لعقت حليب التنين

كسرت دمعتي بفأس.

تقمصت أرواح أزاهير العالم.

أوف، افترستها الأماكن المعتمة.

لذلك كلما تئز فراشة في الهواء

أقول: زوجتي تعتذر.

*

لم يصدقني أحد.

لما حررت الكلمات الرهائن من الأسر.

طاردت بومة البدهي.

وخلقت العبارة القلقة لإسعاد الغرقى والعميان.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة