غرفة القارئ

صفاء سالم إسكندر

المكان يخلق صمته، والصمت الأب الروحي للغة، ربما، حتى أتكاسل في الدفاع عن نفسي، وأنا أثبت لهم ذلك
عندما أرسمكِ مرة، وعندما نختار قصيدة مرة أخرى
في هذا الفراغ المحدود، الموسيقى التي تملأ المكان
شيء يشبه ريش الملائكة وهو يتساقط كندف الثلج،
من يهتم لهذا كله، وهو لا يراه.

تكونين كسولة، وأنتِ نائمة على الفراش الأبيض، محتضنة الوسادة، ولا تحبين أن يكون عريكِ كاملًا،
بينما أضع قرب أنفاسكِ وردة، وأقول: يا ملكة الوردات.
يشرق صباحنا من معصمكِ، تعدين القهوة المرة
وتضعين بجانبها شيئًا من الكاكاو المر أيضًا، هل كل هذا لنكسر حلاوة أيامنا.

في خيالنا تنضج الكثير من الأفكار، كأن تخيلنا مرة أن بورخيس سيزورنا، تهندمنا معًا، وشعرنا بالانتظار، والفضول، طرق الباب، وجلس معنا، ونحن غير مصدقين ذلك، لكنك كنت تجاملين في هذا الحماس بالتأكيد، كنت تتمنين أن يتوحد خيالنا من أجل قدوم كافكا، وأنت تعرفين أن ذلك لن يحصل.
قلت: أشعر بالغيرة من هذا الصرصار الذي نال حظه فيما بعد، كنت سأرمي كتبه كلها، لكني بالتأكيد، أخاف أن تحزن، وفي الحقيقة، كنت أتمنى لو أن ماكس برود حرق كل مخطوطاته.
نهض وتصفح الجزء الأول من الأجزاء الاثني عشر
من ألف ليلة وليلة، وقرأ باللغة العربية الفصحى، ولم يكن ذلك غريبًا، لقد كان خيالًا، ومن الجيد أن يحكي لنا واحدة من القصص المفضلة لدية، كان شعورًا جيدًا أن نحقق له حلمه، ويحقق لنا حلمنا.

  • من سنصادف في المرة القادمة
    قال لي: كانت أمنيتك دعوة لن أنساها، لقد أخرجتني مثل جني الفانوس السحري، وكنتُ متشوقًا لهذه الدقائق التي أمني نفسي فيها بالقراءة.
  • كتبت عنك قصيدة، تخيلت أني معك في الجنة المكتبة، أو التي على شكل مكتبة كما تخيلت ذلك، وطفنا معًا على عرش الله، وكشف لنا حقائق الشعر، ورأينا مكتبته العظيمة.
    قال: الخيال هنا، والحقيقة هناك.
    كان هذا صمتًا، أنا لا أتذكر ملامحي حتى، المرآة التي كانت هنا، بين هذه الجدران الأربعة، كانت تجعلني أشبه طفل متوحش، وكسرتها مرات عدة، حتى صارت تشبه التراب الخشن جدًا. أنا أو هو غير الواثق من وجود قدميه فقط، يظن أن لديه بعض المشاكل العادية، وعليه الاحتفاظ بها، ولا أدلة عنده ليتذكر، أو ليذهب، فلا يتساءل عن اختلاف قدميه وهذا التساؤل مخيفٌ، لأنه سيحاول التواصل مع الرجل الذي بعد الحرب، وهذه المرة سيتساءل عن الأجزاء التي كانت تعيش معه، ذراعه اليمنى، وقدماه، هذه الأشياء التي كانت مألوفة بالنسبة له، لم تكن سهلة التحطيم، بالنسبة إلى رجل مثله عانى من المشاكل بعد الحب، فهو ليس الوحيد الذي قد ينسى، كيف سيعلم كل ذلك مع هذا الانتظار، الوحيد الذي يعيش شعور رجل آلي، على أحدهم أن يوجهه دائمًا، ليعرف ما عليه فعله.

لديه قدمان ليسير مثل أي قطعة مكسورة، لكنه لا يفكر بأكثر من جسده البارد، وماذا يعني له في تلك اللحظة؟
لا يريد أن ينهار وكأنه يلعب كرة القدم، أنه يواجه فقط،
إن حالفه الحظ سيعيش حتى اليوم التالي، أو الخريف القادم، لكنه سيندم على هذا الحظ مثل كل يوم يواجه
به أحلامه، وأجزاء جسده في الآن نفسه، يملك هذا الإحساس بشكل غريب، يشعر بالهزيمة فقط، أو أنه يشعر بها عندما يريد أن يبتعد، ويشعر بضعفه، لكنه في النهاية، يتذكر أنه قارئ.

  • كانت الفكرة أن يموت أحدنا بخير.
  • مجرد فكرة.
    عندما لم يعد بورخيس موجودًا معي في الغرفة، لكنها باقية هناك، وأعرف أنها ستبقى، وأقول: ربما في يوما ما تتحول حقيقتها هنا، وتترك ذلك ال «هناك» المحظوظ،
    كما يقول ناظم حكمت، رفعت سيجارتي نحو فمي ودخنتُ، أخجل من التدخين أمام بورخيس،
    عاد صراخ الأطفال إلى سمعي، وهم يلعبون، صراخ بطيء أو غير واضح مثل كل مرة، فالغرفة ذو نافذة تشبه نافذة السجون
    أو الحمامات، صغيرة جدًا، تقع في الأعلى، قرب السقف تمامًا.
    قالت: هل ستأكل، أم أنك تنتظر شخص قادم؟
    لم أرغب برؤية أحد، ولا أمي حتى، كنت أريد أن أضع يدها على قلبي مثل كل مرة، حتى أطمئن، وأنام.
  • عن ألترا صوت

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة