الشافعي يرثي الامام الحسين

-1-
الرثاء هو صوتُ القلوب الملأى بالشجى والأحزان .. والتي غصّت بالمصيبة ونيرانها اللاهبة …
فلا غرابة اذن في أن يكون الرثاء – وهو ذوب القلوب – مُمِضَاً مُوجعا للغاية .
-2-
ومصائب الدنيا كثيرةُ يصعب أنْ تحصر ، ، ولكنَّ هذه المصائب كلها ليست كمصيبة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) :
انه فقد الأولادَ والاخوةَ والاقربين وخيارَ الأصحاب الابرار في يوم واحد .
ثم جاد بنفسه الزكية وقدّمها قربانا في سبيل اعلاء كلمة الله في الارض ، وصيانة الدين من التحريف، وانقاذ المستضعفين من جور الطغيان والاستبداد .
وهو بهذا كشف للامة معنى قول جده الرسول (ص) :
(حسين مني وأنا من حسين )
وقول أخيه المجتبى الامام الحسن الزكيّ (عليه السلام) :
(لا يومَ كيومِكَ يا أبا عبد الله )
-3 –
والدموع الحمراء الساخنة انسابت من عيون الشعراء بكل الألسنة واللغات .
والقصائد التي قيلت في رثاء الامام الحسين (ع) بالعربية من الكثرة بحيث لا يقوى على إحصائها أحد ، وهي عابرة للاديان والمذاهب والقوميات، وكُلُ ذلك يُثبت أنَّ جراح الامام الحسين (ع) هي جراح الانسانية عبر امتداداتها الزمانية والمكانية .
-4-
وللامام الشافعي بائية عامرة تَقْطُرُ حُبّاً وحُزْناً على الامام الحسين (ع) فاسمعه يقول :
تـَــأَوهَ قلبـــي والفــــؤادُ كئيــــبٌ
وأرَّقَ نومـي فالسهادُ عجيــــبُ
فمَنْ مُبْلِـٌغ عنـي الحسيـنَ رسالــةً
وإنْ كرِهَتْهـا أنفـــسٌ وقلــــوبُ
ذَبــيـحٌ بـِلا جُـرْمٍ، كـأنَّ قــميصَــهُ
صَبيغٌ بمـاءِ الأرجـوانِ خَضِـيبُ
فللــسيــفِ إعـوالٌ وللرمــحِ رَنّــةٌ
وللخيلِ مِنْ بَعْدِ الصهيلِ نحـيبُ
تـزلـزلـت الــدنيـا لآلِ مُــحــمـــدٍ
وكادت لهم صُمُّ الجِبــالِ تَـذوبُ
وغارت نجومٌ واقشعرت كـواكِـبٌ
وَهُتِك أستــارٌ، وشُــقَّ جُيـــوبُ
يُصلى على المبعوثِ مِنْ آل هاشمٍ
ويُغزى بَنُـــوهُ إنَّ ذا لعَجِيــبُ
لئن كان ذنبـي حــبّ آل مــحـمــد
فذلك ذَنْبٌ لستُ منه أَتــــوبُ
هم شفعائي يومَ حشـري ومــوقفي
إذا ما بَدَتْ للناظِــرِين خُطــوبُ
انّ هذه القصيدة على وجازتها استطاعت أنْ تقدّم لنا صوراً صادقة عما دار يوم الطف .. ،
مِنْ إعوالٍ للسيوف ورنينٍ للرماح، وصهيل للخيول …
انهم أجهزوا بكل ما يملكون من قوّة وعدّة على ريحانة الرسول (ص) وسيد شباب أهل الجنة الامام الحسين (ع) وذبحوه عطشانا ، وانّ مصيبة الحسين (ع) زلزلت الدنيا بأهوالها وفجائعها، وقد شاركت السماءُ الأرض في هذا المصاب
ويستغرب الامام الشافعي مِنْ اولئك الاوغاد القَتَلَة كيفَ يَدَّعونُ الولاء للرسول (ص) ثم يغزون أولاده بلا هوادة ؟
ويختم قصيدته بالاشارة الى ما يمور به قلبه من حب لأل محمد ، وانه حُبٌّ راسخ يأمل معه أنْ ينال شفاعتهم يوم الدين، وهذه أمنية نشاركه بها جميعا، ونسأله تعالى أنْ يرزقنا شفاعة الحسين يوم الورود .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة