متابعة ـ الصباح الجديد:
برز التمويل كأحد القطاعات الأقل إدراكا للكثير عن مخاطر المناخ المرتبطة بها، وفقاً لمراجعة تهدف إلى تحديد التوجه القادم لاستثمارات أكبر صندوق ثروة في العالم.
وأظهرت المراجعة، التي تمت بناءً على تكليف من الحكومة، أن إدارة الاستثمار في الصندوق النرويجي، والتي تشرف على أصول بقيمة 1.4 تريليون دولار، يجب أن تُمنح تفويضا جديدا لضمان انعكاس المخاطر التي يشكلها الاحتباس الحراري بشكل صحيح في محفظتها. وأضافت المراجعة أنه يتعين على الصندوق كذلك متابعة استراتيجيات الاستثمار التي تتماشى مع هدف اتفاقية باريس المتمثل في تحقيق انبعاثات كربونية صافية صفرية بحلول عام 2050. لكن من أجل القيام بذلك، فإن الصندوق يحتاج إلى تحديد أكبر مخاطر المناخ.
وقال مارتن سكانك، المُعد الرئيسي للتقرير إن تداعيات تغير المناخ ما تزال غير مفهومة بشكل جيد بالنسبة للصناعات الأخرى غير النفطية.
وأضاف: “من الصعب أن نتخيل أن السوق لم يأخذ بالفعل جميع المعلومات المتعلقة بمخاطر المناخ التي تواجه شركات النفط في الحسبان؛ ولكن في القطاعات الأخرى، قد يكون من الصعب تقييمها”.
واختارت مجموعة الخبراء التي قادها “سكانك” الصناعة المالية، وقالت إن تعرّض البنوك يكمن في دفاتر قروضها، مما يؤدي إلى تكثيف مخاطر المناخ التي تمثلها قطاعات متعددة.
كما أضاف “سكانك” أن هناك سبباً أيضاً للاعتقاد بأن الأسواق تسيء تسعير المخاطر التي تواجه قطاع العقارات، حيث إن انحسار خطوط السواحل والفيضانات تجعل بعض المناطق غير صالحة للسكن، وبالتالي فإن الأمر يمتد إلى صناعة التأمين، التي ستواجه عالماً لا يمكن التنبؤ به بشكل متزايد من المطالبات الهائلة الناجمة عن أحداث مناخية أكثر تدميراً من أي وقت مضى، كما أشار إلى أن المخاطر ما تزال غير مفهومة بشكل جيد في صناعة النقل.فضلاً عن ذلك، قالت مجموعة الخبراء إنه بهدف الكشف عن هذه المخاطر الخفية، يجب على صندوق الثروة النرويجي أن يبدأ بمطالبة شركات المحفظة بإخضاع نفسها لاختبارات الإجهاد المناخي. علاوة على ذلك، يجب أن يخضع الصندوق نفسه لاختبارات الإجهاد المناخي.
وتتعرض النرويج، أكبر مصدر للنفط في أوروبا الغربية، لضغوط متزايدة لوضع أهداف مناخية أكثر طموحاً لصندوق ثروتها، وسط دليل واضح على أن حرارة الكوكب تزداد خطورة بوتيرة متزايدة الخطورة. وفي الوقت الحالي، يظل الشاغل الرئيسي لصندوق الثروة والمستثمرين الآخرين هو أفضل السبل للحماية من خسائر المحفظة التي تنجم عن الاحتباس الحراري، نظرا لأن الصناعة المالية بشكل عام تتبنى الاستراتيجيات البيئية والاجتماعية والإدارية.
من جانبه، أشار جان توري سانر، وزير المالية النرويجي بالفعل إلى أنه يتم النظر إلى توصيات مجموعة الخبراء بشكل إيجابي. وما يزال البرلمان بحاجة إلى إعطاء الضوء الأخضر للاقتراح الرسمي، ولن يتم التوصل إلى قرار نهائي إلا بعد فترة طويلة من انتخابات سبتمبر، حيث من المرجح أن يتم استبدال الائتلاف الذي يقوده المحافظون بكتلة ذات ميول يسارية.
ويرى “سانر” أن الصندوق يجب ألا يبتعد عن هدفه النهائي المتمثل في وضع العائدات المالية في المقام الأول. وقال إن مجموعة الخبراء عملت ضمن الإطار الحالي لصندوق الثروة، والذي يهدف إلى “تحقيق أعلى عوائد مالية ممكنة في ظل وجود مخاطر مقبولة”.
وفي إطار أهدافه الحالية، حاول صندوق الثروة النرويجي بالفعل تصعيد الضغط على الملوثين، حيث تقول كارين سميث إيناتشو، كبيرة مسؤولي حوكمة الشركات في الصندوق، إن هناك شركات في المحفظة لا تفعل “بكل تأكيد” ما يكفي للحد من انبعاثات الكربون، وأشارت إلي شركة “إكسون موبيل” (Exxon Mobil Corp) و “شيفرون” (Chevron Corp) كأمثلة، حيث كانت هناك حاجة إلى نشاط المستثمرين لإجبار الإدارة على قبول أهداف انبعاثات أكثر صرامة.
وذكر كل من “سانر وسكانك” أن سحب الاستثمارات يجب أن يكون الخيار الأخير، على الرغم من أن مجموعة الخبراء تريد أن يكون للصندوق مجال أكبر للتخلص من الأسهم التي لا تتحسن. لكن بشكل عام، أصبح التوجه يكمن في أن صندوق الثروة يستخدم مكانته كأكبر مالك للأسهم في العالم لتوجيه التغيير من خلال التأثير على أصوات المساهمين.فضلاً عن ذلك، قال هافارد هالاند، كبير الاقتصاديين السابق في البنك الدولي الذي بدأ حملة ضغط على المستثمرين السياديين للالتزام بصافي انبعاثات صفرية، إن توصيات مجموعة الخبراء تغير المشهد لصندوق الثروة النرويجي.
وعد أن النتيجة “إيجابية حقاً للغاية. وبالنظر إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050 والتوافق مع اتفاقية باريس فإن توصيات فريق الخبراء تقطع شوطاً طويلاً”.