البرلمان التونسي يقر تعديلا وزاريا واسعا وسط تجدد الاحتجاجات في عدة مناطق

متابعة ــ الصباح الجديد:

خرج مئات الأشخاص في مظاهرات بالعاصمة التونسية امس الأول الثلاثاء ضد الطبقة السياسية والقمع الأمني للمحتجين قرب البرلمان المحصن، والذي أقر نوابه تعديلا وزاريا واسعا يسلط الضوء على التوترات السياسية بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والبرلمان.

ومساء منح مجلس النواب الثقة للوزراء الجدد وعددهم 11 وزيرا، في تعديل شمل حقائب أساسية عديدة مثل الداخلية والعدل والصحة. وحصل الوزراء الجدد على الثقة على الرغم من الجدل الذي أثير حول أسماء عدة والانتقادات الحادّة التي وجهها رئيس الجمهورية.

وأكد رئيس الحكومة هشام المشيشي أن حكومته ستستمع إلى الشباب المحتجين.

وكان مئات المتظاهرين قد تجمعوا قرب البرلمان نهارا بدعوة من نحو ثلاثين منظمة غير حكومية للاحتجاج على استراتيجية القمع البوليسية المعتمدة في مواجهة الاحتجاجات الليلية التي اندلعت منتصف كانون الثاني في المناطق المهمشة في تونس.

واحتج عدد من النواب على هذا الانتشار الأمني الكثيف ودعوا إلى مزيد من الحوار في بلد تأثر كثيرا بتفشي فيروس كورونا وتداعياته الاجتماعية.

وردد المتظاهرون “حرية وكرامة للأحياء الشعبية” و”فليسقط النظام البوليسي” وأطلقوا شعارات معادية للحكومة أو الكتلة الرئيسية في البرلمان، حزب “النهضة”.

ونظمت مظاهرات في مدن تونسية عدة احتجاجا على سياسة القمع وللمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلا وبإطلاق سراح مئات المحتجين الذين اعتقلتهم الشرطة بعد الاشتباكات.

وعلى مدى ليال، هاجم شبان الشرطة المنتشرة لفرض حظر التجول بعيد حلول الذكرى العاشرة للثورة التي أسقطت في 14 كانون الثاني 2011 الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في السلطة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واعتقلت أكثر من ألف شاب بينهم العديد من القاصرين وفقا للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين أدانوا التجاوزات.

ونظمت مظاهرات تطالب خصوصا بالإفراج عن مئات المحتجين الشباب الذين ألقي القبض عليهم وبسياسة اجتماعية أكثر عدلا، وبالقيود التي فرضت لمحاربة الوباء أثرت خصوصا على الفئات الأكثر ضعفا، إذ تسببت بإلغاء عشرات الآلاف من الوظائف وعرقلت التعليم.

“غيّروا أو ارحلوا”

وقالت يسرى فراوس رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات “المسؤولون السياسيون ينتهجون الاستراتيجيات نفسها التي لم تفض إلى الان سوى لإخفاقات”. وأضافت “فليغيروا نموذج الحوكمة أو ليرحلوا عن السلطة”.

وأتت الجلسة البرلمانية عقب اضطرابات بين محتجين وشرطة في سبيطلة في منطقة مهمشة وسط البلاد، بعد وفاة شاب متأثرا بإصابته بقنبلة مسيلة للدموع.

ووقعت صدامات جديدة بين الشرطيين والمتظاهرين امس الأول الثلاثاء على هامش مراسم تشييع الشاب كما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.

وتسجل تونس أكثر من ألفي إصابة وأكثر من 50 وفاة جديدة بكوفيد-19 يوميا، وقد حذر أطباء من الصعوبات المتزايدة في العثور على أماكن في أقسام الانعاش.

تجاذبات

وكان المشيشي قد قال إن الهدف من التعديل الوزاري الحصول على فريق “أكثر كفاءة” من أجل تحقيق الإصلاحات في البلاد التي تشهد أزمة صحية واقتصادية وسياسية واجتماعية.

لكن الرئيس سعيّد انتقد بشدة هذا التعديل مساء الاثنين معربا عن أسفه لعدم استشارته.

وأشار إلى أن “بعض المقترحين في التحوير الوزاري تتعلق بهم قضايا أو لهم ملفات تضارب مصالح”.

وفي السياق نفسه، أعرب عن استيائه “من غياب المرأة عن قائمة الوزراء المقترحين”.

وبعد فشل الحكومة الأولى في الحصول على ثقة النواب في كانون الثاني 2020 واستقالة الحكومة الثانية في تموز بعد بضعة أشهر في السلطة، أصبحت الحكومة الحالية موضع تجاذبات منذ توليها الحكم في أيلول.

وكان المشيشي، وهو تكنوقراطي عينه الرئيس قيس سعيّد، قد شكل فريقا يضم العديد من المسؤولين والأكاديميين من بينهم بعض المقربين من الرئيس.

واكتسب ثقة النواب الذين كانوا يواجهون خطر حل البرلمان إلا أنهم ما لبثوا أن طالبوا لاحقا بتغييرات.

لذلك، أعاد المشيشي تشكيل فريقه بدعم من حزب “النهضة” المتحالف مع حزب “قلب تونس” الليبرالي وائتلاف الكرامة الإسلامي.

لكن الرئيس سعيّد وهو أكاديمي مستقل ومنتقد للديمقراطية البرلمانية ومنخرط في مواجهة مع “النهضة”، يحاول قلب لعبة سياسية غير مستقرة مخاطرا بتفاقم العداوات التي تشل العمل السياسي، في وقت تضررت البلاد بشدّة من وباء كوفيد-19 وتداعياته الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة