فورين بوليسي:
الصباح الجديد-متابعة
((كان الهاشميون الذين فقدوا الوصاية على مكة والمدينة عقب قيام الدولة السعودية، قد رأوا في الوصاية على القدس تعويضا على ما خسروه، ولذلك دأبوا منذ قيام المملكة الأردنية قبل نحو 100 عام على الاهتمام بالأقصى وترميمه، قبل أن تمنح لهم الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بشكل فعلي من العام 1948 بعد قيام دولة إسرائيل))
أوضح تقرير لمجلة “فورين بوليسي” أن ثمة مخاوف جدية لدى الأردن من عقد اتفاقية سلام بين إسرائيل والسعودية على حسابه مصالح عمان في الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس.
وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الأردنيين دأبوا في الآونة الأخيرة على إصدار تصريحات وبيانات مبطنة تعبر عن تلك المخاوف، فقد جدد العاهل الأردني خلال افتتاح جلسات مجلس النواب في الشهر الماضي التزام بلاده الراسخ بالدفاع عن “الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس “، معتبرا أن تلك الوصاية “واجب والتزام وإيمان راسخ ومسؤولية تعهدنا بها بكل فخر تجاهها. أكثر من مائة عام … لن نقبل أي محاولات لتغيير وضعه التاريخي والقانوني الراهن ، ولا محاولات التقسيم الزماني أو المكاني للمسجد الأقصى “.
وقالت المجلة رغم أن تلك التصريحات موجهة من حيث الظاهر إلى إسرائيل، بيد أنها تبعث أيضا برسالة إلى السعودية وأميركا بضرورة أن لا يكون أي اتفاق سلام قادم على حساب مصالح الأردن.
ثمن “مكلف” للأردن
ونوهت “فورين بوليسي” إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه؟ ما الذي سيحصل عليه السعوديون مقابل السلام، وهل سيكون الثمن أن تصبح الرياض تشرف على كافة الأماكن المقدسة للمسلمين باعتبارها هي المسؤولة عن أقدس مدينتين حاليا، مكة والمدينة المنورة.
و تشير المبادرات السعودية الأخيرة، بما في ذلك الامتناع عن الاعتراف بدور الأردن في القدس والتعهد بتقديم 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية هناك، إلى أن الرياض تسعى للعب دور أكبر في المدينة، أو على الأقل تهدف إلى تقويض النفوذ الهاشمي، بحسب “فورين بوليسي”.
وكان الهاشميون الذين فقدوا الوصاية على مكة والمدينة عقب قيام الدولة السعودية، قد رأوا في الوصاية على القدس تعويضا على ما خسروه، ولذلك دأبوا منذ قيام المملكة الأردنية قبل نحو 100 عام على الاهتمام بالأقصى وترميمه، قبل أن تمنح لهم الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بشكل فعلي من العام 1948 بعد قيام دولة إسرائيل.
وبحلول العام 1988، سئم الأردن من التنافس مع منظمة التحرير الفلسطينية على النفوذ في الضفة الغربية. قطع الملك حسين رسميا الارتباط الإداري والقانويي معها، ولكنه استبعد القدس من قرار فك الارتباط.
وفي العام 1994 ساعدت اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل على تعزيز الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وفي العام 2013 أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عام 2013 دور الأدرن الحامي لتلك المقدسات مع “السيادة الفلسطينية الكاملة” على كل أرض دولة فلسطين العتيدة، “بما في ذلك عاصمتها القدس الشرقية”.
هل تأخذ الرياض دور عمان؟
مع قيام المزيد من الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل أو إبداء استعدادها للقيام بذلك ، أصبح الأردن قلقًا بشكل متزايد من أن الصفقة قد تحفز الاعتراف السعودي بإسرائيل مقابل أخذ الرياض الدور التاريخي للهاشميين كوصي على الأماكن المقدسة .
واعتبرت المجلة الأميركية أن تجريد الأردن من دوره التقليدي في القدس واستبداله بالسعودية قد يكلف ثمناً باهظاً، إذ لطالما نظرت إسرائيل والولايات المتحدة إلى نظام الحكم في عمان باعتباره ركيزة للاستقرار في منطقة غير مستقرة.
ولفتت إلى أن الأردن يتوقع له أن يلعب دورا دورًا رئيسيًا في أي حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، باعتبار أن له مصلحة استراتيجية في حدوث استقرار وازدهار غربي نهر الأردن، وبالتالي فإن التغييرات الأساسية في الوضع الراهن في القدس يمكن أن تضر بالعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة كما أنها قد تضر بالعلاقات بين المجموعات السكانية المختلفة في الأردن، وتضعف دور الأردن المعتدل لصالح حل سلمي في المنطقة ، وتؤدي إلى عواقب غير مرغوبة على السلام والأمن الإقليميين.
وختمت المجلة الأميركية بالقول ” إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تنظران إلى الأردن على أنه شريك استراتيجي، فعليهما أن يدركا موقع عمان في القدس ومصالحها الاستراتيجية”.
وأردفت: “إن إعادة تأكيد هذه المواقف والاعتراف بعمان كحليف موثوق يمكن أن يقطع شوطًا طويلاً ويساعد في تخفيف الشكوك داخل المملكة الهاشمية بأن حل النزاع يمكن أن يأتي على حساب الأردن”.