خالد ربيع السيد
بانتحار الممثل روبن ويليامز، قبل ستة سنوات، في مثل هذا اليوم الموافق11 أغسطس 2014م، انضم اسم جديد إلى قائمة المشاهير والنجوم الذين وصلوا إلى ما يطلق عليه اسم مرحلة «السوبرنوفا» Supernova، ليقرروا بعدها إسدال الستار على الفصل الأخير من حياتهم، بما يؤكد على متلازمة الإبداع والموت التي عكف الفلاسفة على دراستها بغية التوصل إلى ماهية العلاقة بينهما.
ظاهرة محيرة
ومثلما حيرت ظاهرة انفجار النجوم السوبرنوفا علماء الفيزياء الفلكيين، حيرت ظاهرة انتحار المشاهير المهتمين والأطباء النفسيين. فالكيفية التي تحدث عند انفجار النجم ظلت لغزا محيرا حتى بعد أن قام العلماء بدراسة نحو 40 من بقايا النجوم المنفجرة في مجرة درب التبانة، تماما كالألغاز التي يخرج بها الدارسون لحياة شهير منتحر.
نذكر ــ على سبيل المثال ــ كيف أن الشاعر اللبناني خليل حاوي قرر الانتحار مطلقا الرصاص على نفسه. منهيا «حياة غير ذات معنى» ــ كما قال، وذلك بعدما سمع خبر اجتياح الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان وحصار بيروت عام 1982م. مما أصابه بحزن عميق، وعمه اليأس والقنوط.
وفي التصوير الرائع لشخصية «عمر الحمزاوي» في رواية «الشحاذ» ما يشير إلى أن الأديب «نجيب محفوظ» عانى فترات من حياته «مصاعب نفسية واكتئابا» كادت تؤدي به إلى الانتحار، خصوصا أن الروائي كثيرا ما يترجم ويسقط نفسه على شخوص رواياته.
كما أن الروائي آرنست همنغواي صاحب رواية «الشيخ والبحر»، عندما فتك به المرض ووجد نفسه وحيدا، قرر التخلص من حياته عن طريق بندقية قديمة كانت بحوزته فوجهها إلى صدره وأطلق النار.
قائمة طويلة
غير أن قائمة المشاهير الذين عانوا فترات من حياتهم من القلق Anxiety، والاكتئاب العميق Deep Depression، وخبروا تجارب نفسية مريرة Sever Psychological Problems، وهربوا إلى عزلة ووحدة قاتلة، ثم انتهت حياة بعضهم في مصحات نفسية وعقلية، فضلا عن أولئك الذين حاولوا الانتحار ففشلوا أو نجحوا، قائمة تصعب الإحاطة بكل أسمائها.
لماذا ينتحرون
ولكن السؤال الملح الآن: لماذا ينتحر المبدعون والمشاهير من أهل الثقافة والأدب والفن؟.
طبعا، من المعروف أن الشعراء والمبدعين هم أكثر الناس حساسية ويتميزون بالشعور المرهف، وأن خيبات الأمل الشخصية أو الوطنية والقومية تداهمهم قبل أبناء المجتمع الآخرين، فيعتريهم الشعور بالإحباط والكآبة الشديدة، والنتيجة الحتمية في كثير من الأحيان هي الإقدام على الانتحار.
من ناحية أخرى، فإن تفكيك المجتمع الصناعي الاستهلاكي للحياة الاجتماعية وبنيتها الإنسانية، في المدن الكبرى (الصاخبة والمزدحمة)، يضغط نحو«ثقافة الانتحار» لتكون ظاهرة اجتماعية في «المدينة الحديثة» إذا ما قورنت ــ نسبيا ــ بالقرى والأرياف».. هذا ما ذهب إليه إميل دوركايمي (1858-1917م) في كتابه «الانتحار».
انفجار النجوم .. طاقة طاغية
بالعودة إلى ظاهرة انفجار نجوم السوبرنوفا، فإن النظرية المقبولة لغاية الآن لدى علماء الفلك أن هذه الانفجارات ما هي إلا تفاعلات «نووية حرارية» تكون النجوم فيها قد بلغت من الطاقة الشيء العظيم، للدرجة التي تنقلب فيها وتصبح غير متعادلة، ما يجعل النجم لا يحتمل تآلفها ضمن كتلته، فيحدث الانفجار بشكل هائل.. هذا التفسير العلمي المتعلق بالنجوم يمكن مماهاته إلى حد كبير بما يحدث مع المشاهير. فالشهرة والطاقة الإبداعية وما تستجلبه من تهييج شعوري تجعل حياتهم معادلات غير متآلفة، طاقة طاغية على احتمالها في داخلهم، فتقودهم إلى حالات من الاكتئاب والشعور بأنهم لا يحتملون الطاقة المتفجرة في دواخلهم، فيلجأون أحيانا إلى المخدرات أو المهدئات، ويقررون في لحظة إثارة شعورية غير محتملة إنهاء حياتهم.
طبعاً لن نغفل ما شهدت به أرملة ويليامز «سوزان شنايدر» وتشبيهها للمرحلة التي مر بها قبل انتحاره بأنها “حرب كيميائية في مخه”. وروت تفاصيل معاناته من أحد أشكال “الخرف” وأعراضه من قلق ورجفان ومشاكل في الهضم وفقدان في الذاكرة وجنون العظمة.
وأضافت شتايدر أن ويليامز عانى من صعوبة بالغة في تذكر سطر واحد من أحد المشاهد، خلال تصوير فيلم “ليلة في المتحف الجزء الثالث” في ربيع عام 2014، وكان فقدان الذاكرة وعدم القدرة على التحكم في قلقه أمرا مخيفا.
وأشارت أن زوجها عانى من مرض غير معروف كثيراً لكنه قاتل، ويدعى المرض “جسيم لوي”. ولم تكن تعرف أن زوجها يصارع هذا المرض، إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على وفاته، بحسب تقرير الطب الشرعي.
على أية حال عانى روبن ويليامز من الاكتئاب ومن الإدمان على الكحول والمخدرات لفتره طويلة من عمله كممثل، وفي 2014 وجد ميتا في منزله بولاية كاليفورنيا منتحرا خنقا..
أفلام غير تقليدية
روبن ويليامز كان ما يقدمه دائماً غير تقليدي، لأنه نابع من فنان غير تقليدي، وربما ظهر هذا في حياته التي كانت بدايتها كوميدية ولكنها إنتهت تراجيدية…لقد تميز في العديد من الأدوار السينمائية المختلفة التي قدمها، سواء الكوميدي منها أو الدرامي، وإستطاع حصد العديد من الجوائز .
أهم الأعمال التي قدمها “ويليامز” :
جود ويل هانتنج
Good Will Hunting
فيلم دراما أمريكي صدر في 1997، من إخراج “جس فان سانت”، وتأليف “مات ديمون“، و”بين افيليك” وهى تعد من التجارب الأولى لهم في الكتابة، أما البطولة فكانت “روبن ويليامز”، “مات ديمون”، و” بين افيليك”.
الفيلم من أهم ما قدم “ويليامز” للسينما، فهو تجربة إنسانية فريدة، حيث تدور أحداثه في بوسطن، عن شاب أيرلندي مضطرب في حياته، وبرغم من عبقريته وتميزه في علم الرياضيات، وقدرته على التعلم الذاتي، إلا أنه يعمل حارس لمعهد ماساتشوستس للتقنية، يتعرض لعدد من المشكلات، حتى يظهر في حياته صديقه القديم، ليساعده في حل مشكلاته، والبحث عن هويته وإكتشاف ذاته.
حقق (جود ويل هانتنج) نجاحاً كبيراً على مستوى الجمهور والنقاد، ورُشح لتسع جوائز أوسكار، وفاز منها بجائزة أفضل فيلم، وأفضل سيناريو أصلي، بالإضافة إلى فوز”روبن ويليامز” بجائزة أفضل ممثل مساعد.
اليقظة
Awakenings
فيلم دراما أمريكي مقتبس عن قصة حقيقية، إنتاج عام 1990، من إخراج “بيني مارشال”، وتأليف “أوليفر ساكس”، وشارك “ويليامز” البطولة النجم “روبرت دي نيرو“، و”جولي كافنر”.
الفيلم ترشح لثلاث جوائز أوسكار، بالإضافة إلى ترشح “ويليامز” لجائزة الجولدن جلوب، كأفضل ممثل في فيلم درامي.
ويحكي الفيلم قصة مريض أُصيب بالشلل الدماغي في العقد الأول من عمره، فحاولت أمه علاجه بمختلف الطرق ولكن فشلت، وفي النهاية أدخلته إلى المصحة، ليدخل في غيبوبة وهو ما زال في سن المراهقة، ومضت فترة طويلة من الزمن إلى أن أتى طبيب جديد ليعمل في هذه المصحة، والذي يكتشف دواء جديداَ، وبعد أخذ إذن لتجربته على أحد المرضى، يقوم بتجربته على هذا المريض، ليفيق بعد سنوات طويلة من الغيبوبة.
صباح الخير فيتنام
Good Morning, Vietnam
من أهم أدوار “ويليامز” في السينما، والذي فاز عنه بجائزة (الجولدن جلوب) وترشح لجائزة (الأوسكار)، الفيلم إنتاج عام 1988، كوميدي درامي حربي، تدور قصة الفيلم حول (أدريان) الذي يعمل بالإذاعة، ويقضي فترة تجنيده بالجيش الأمريكي، حتى يتم نقله لفيتنام في وقت حربها مع أمريكا، وهناك يتعرف أكثر على حياة الشعب الفيتنامي، مما يؤثر على طريقته في الإذاعة.
الفيلم إخراج “باري ليفنسون”، وتأليف “ميتش ماركويز”، ويشارك في البطولة “فورست ويتكر”، و” برونو كيربي”.
فلابر
Flubber
فيلم فلابر أو (المخترع المنحوس)…من أهم الأفلام التي إرتبط بها جيل التسعينات، الفيلم كوميدي فانتازيا إنتاج عام 1997، ومدة عرضه 94 دقيقة، من إخراج “ليس مايفيلد”، وتأليف “بيل والش”، و”صامويل تايلور”، وشارك فى بطولته “ويل ويتون ” ، “مارسيا هاردن”.
وتدور أحداثه حول البروفيسير (فيليب برينارد) _شارد الذهن دائماً_، الذي يعمل على اكتشاف جديد بمساعدة صديقه الروبوت (ويبو)، ولكن تتطور الأحداث، ويصل شرود ذهنه إلى حد أنه ينسي موعد زفافه مرتين، وفي الوقت ذاته يتمكن من اكتشاف مادة تشبه المطاط، تستطيع حمل الأشياء والقفز بها عالياً وهو (فلابر)، ونتيجة هذا الاكتشاف يمر بالعديد من المواقف الكوميدية.
السيدة داوتفاير
Mrs. Doubtfire
فيلم كوميدي أنتج في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1993، وحقق الفيلم نجاحاً جماهيرياً واسعاً، وإيرادات تجاوزت ال 440 مليون دولار.
وقصة الفيلم عن رجل ينفصل عن زوجته التي تحصل على حق حضانة الأطفال، فيكون سبيله الوحيد لرؤية أطفاله هو التنكر في شخصية مديرة منزل، ويذهب للعمل لدى العائلة ليتمكن من رؤية أطفاله، فيشعر الأطفال بمرور الوقت بمدى قربهم من هذه المربية الجديدة.
الفيلم للمخرج “كريس كولومبوس”، وسيناريو “ليزلي ديسكون”، وقد شارك النجم “روبن ويليامز” فى إنتاج الفيلم، إلى جانب البطولة التي شاركه فيها كلاً من: “سالي فيلد”، “مارا ويلسون”، و”بيرس بروسنان”.
الكابتن هوك
Hook
أحد شخصيات القصة الشهيرة والتي بطلها (بيتر بان)، وهو فيلم فانتازيا للمخرج “ستيفن سبيلبيرج”، وقام بكتابة السيناريو “جيمس هارت”، و” نيك كاسل”، و”جيمس ماثيو”.
(الكابتن هوك) إنتاج الولايات المتحدة عام 1991، ومن بطولة “روبن ويليامز”، “داستن هوفمان”، و”جوليا روبرتس”.
ويعرض الفيلم بشكل خيالي كيف أصبحت حياة (بيتر بان) بعد أن قرر العمل كمحامي ومتزوج واب لطفلين، والذي أخفى ماضيه هو الكابتن هوك ولكنه يظهر ثانية ويخطف أولاده، لتبدأ بعده سلسلة من المغامرات يخوضها بيتر وأصدقائه.