كاظم سلوم المرشدي
يتسأل الكثيرون عن مستقبل النقد السينمائي في عصر الأنترنت، وهل سنشهد موت هذا النقد، بعد ان أصبح مشاهدة الأفلام السينمائية متاحا على العديد من المنصات السينمائية، الأمر الذي يتيح للجمهور السينمائي بمناقشة الفلم والحكم على جودته من عدمها، فيمكن لمجموعة من الأصدقاء مشاهدة فلم سينمائي في فترة متقاربة، ونراهم يتبادلون الآراء حول الفلم من النواحي الفنية والتقنية التي أشتغل عليها الفلم في توصيل تيمته.
أخر من تسأل عن هذا الموضوع المخرج السينمائي الصديق عزام صالح، وقد تصدى العديد من أصدقاء صفحته للإجابة والتعليق على سؤاله، وسبق لي ان نشرت على صفحة السينما هذه موضوعا مطولا للناقد السينمائي المغربي الدكتور حمادي كيروم تناول فيه مستقبل النقد السينمائي في عصر الانترنت، متخذا من السؤال الساخر الذي وضعه بول فاليري في وضعية أخرى : “إلى أين يسير النقد السينمائي اليوم ؟ إلى حتفه من دون شك“. مدخلا لموضوعه، مبينا الفارق الذي احثته الثورة التكنلوجية الكبيرة، والدخول الواسع لها في كل مفاصل حياتنا، وتراجع العروض السينمائي والإنتاج السينمائي من التراتبية المتعارف عليها لصالح العروض على منصات العرض السينمائي العديدة، الامر الذي يتيح تعدد الآراء حول هذا الفلم او ذاك.
ان النقد السينمائي ومنذ بدايات تأسيسه على يد الكثير من منظري السينما الأوائل وخضوعه لتطورات تبعا لتطور الصناعة السينمائية، ألزم من أراد التخصص في النقد السينمائي ان يتوفر على العديد من المؤهلات التي تمكنه من كتابة نقد وتحليل سينمائي علمي، وأبسط هذه المؤهلات هو ان يكون على إطلاع بأهمية الفنون المرافقة التي تدخل في صناعة الفلم السينمائي، والتي على ضوؤها أطلق على السينما تسمية ” الفن السابع” ، كذلك يفترض فيه ان يكون على معرفة واطلاع بالنظريات والمدارس السينمائية العديدة التي واكبت التطور السينمائي لعشرات العقود.
النقد السينمائي رافق النتاج السينمائي منذ اكتشاف السينما، فكان في البداية عبارة عن اشهار أخباري بسيط، وتطور ليصبح خبرا صحفيا، الى ان تصدى بعض الادباء والصحفيين الى مناقشة الموضوع الذي يطرحه الفلم ، خصوصا بعد تطور الفلم الروائي ودخول الصوت على الفلم وتنوع المواضيع التي تطرحها السينما، وذهابها الى مختلف تفاصيل الحياة ، ودخول السياسة على خط الإنتاج ، فكان ان ظهرت نظريات واتجاهات سينمائية مختلفة، الزمت الناقد بالتعرف علي أدق تفاصيل ، ليصل الى نقد الفلم وتحليله بطريقة علمية.
ان ما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي هي أراء لمشاهدين، بعضها مهم جدا، والبعض الأخر بسيط جدا، كونها خاضعة للمستوى الثقافي والفكري للمشاهد، وقد تتغير هذه الآراء بعد رجوع البعض منهم الى الكتابة النقدية الحقيقية عن الفلم الذي شاهدوه .
ان منصات السينما الكترونية هي الأخرى تعتمد الرأي النقدي فنجدها تضع تقييما من عشرة على كل الأفلام التي تعرضها، هذا التقييم يساهم فيه ويضعه النقاد السينمائيون كذلك.
لذلك نقول ان النقد السينمائي سيبقى مرافقا للفلم السينمائي بغض النظر عن كون الفلم عرض في صالة سينمائية تقليدية أو في موقع سينمائي ما، كون المشاهد يحتاج الى صلة الوصل بينه وبين الفلم التي توفرها الكتابة النقدية العلمية، وبالتالي لا موت للنقد في عصر الانترنيت او غيره.