ألمانيا تحاكم أنصار داعش وفق معايير القانون الجنائي الدولي

ماتياس فون هاين*

على مدى خمس سنوات عاد إلى ألمانيا العشرات من أنصار ونصيرات تنظيم «داعش» الإرهابي قادمين من سوريا أو العراق، ليمارسوا حياتهم اليومية كالمعتاد كما كانوا سابقاً في الأراضي الألمانية. غير انهم سيحاكمون من خلال استعانة القضاء الألماني بالقانون الجنائي الدولي لاستدعاء هؤلاء ومحاكمتهم بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان.
بعد أن كان الطريق مفتوحاً أمام العائدين من «خلافة داعش» الإرهابية إلى ممارسة حياتهم اليومية بألمانيا، باتت محاكماتهم ممكنة على ما اقترفت أيديهم هناك، فكيف أتاح القانون الدولي هذه الإمكانية التي كانت أقرب إلى المستحيل؟
قتل جماعي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب شنيعة، هذه هي الاتهامات الموجهة ضد العراقي طه أ. البالغ من العمر 27 عاماً. مَثُل المواطن العراقي منذ أبريل/ نيسان 2020 أمام المحكمة في فرانكفورت. وفي صلب المرافعات دارت نقاشات حول وفاة طفلة إيزيدية تبلغ من العمر خمس سنوات في عام 2015 في الفلوجة غربي العراق.
وتستند التهمة إلى تصريحات زوجته جنيفر، عضوة تنظيم «داعش» بعد أن تحدثت في يونيو/ حزيران 2018 لرجل اتصال عن إقامتها في منطقة خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي. وروت أن زوجها السابق طه أ. ربط الطفلة الإيزيدية في مكان تحت الشمس عقوبة لها على تبولها في السرير. وماتت الطفلة على إثرها تحت التعذيب.
وبما أن جنيفر لم تفعل شيئاً لإنقاذ الطفلة، باتت تمثُل هي الأخرى منذ أبريل/ نيسان 2019 أمام المحكمة في ميونيخ حيث سبق لأم البنت الضحية أن أدلت بتصريحاتها. وكانت هي أيضاً محتجزة كعبدة في بيت جنيفر وزوجها وأُجبرت على مشاهدة وفاة بنتها.
جنيفر، عضوة تنظيم «داعش» – في قاعة المحكمة – ألمانيا. (photo: Getty Images/S. Widmann)
قتل جماعي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب شنيعة: هذه هي الاتهامات الموجهة ضد العراقي طه أ. البالغ من العمر 27 عاماً. وفي صلب المرافعات دارت نقاشات حول وفاة طفلة إيزيدية تبلغ من العمر خمس سنوات في عام 2015 في الفلوجة غربي العراق. وتستند التهمة إلى تصريحات زوجته جنيفر، عضوة تنظيم «داعش» بعد أن تحدثت في يونيو/ حزيران 2018 لرجل اتصال عن إقامتها في منطقة خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي. وروت أن زوجها السابق طه أ. ربط الطفلة الإيزيدية في مكان تحت الشمس عقوبة لها على تبولها في السرير. وماتت الطفلة على إثرها تحت التعذيب.

جناية في الخارج
وألقي القبض على طه أ. في مايو/ أيار 2019 في اليونان بموجب مذكرة اعتقال ألمانية وتم تسليمه في أكتوبر/ تشرين الأول إلى ألمانيا. وأثارت محاكمة العراقي اهتماماً دولياً، لأنها المحاكمة الأولى ضد مقاتل تابع لتنظيم «داعش» يطرح القتل الجماعي للتنظيم ضد الإيزيديين على الساحة.
«بهذه المحاكمة ضد القتل الجماعي تحفر النيابة العامة قطعة خشبية سميكة»، وفق ما يعتبر رجل القانون بمدينة لايبتسيغ، ألكسندر شفارتس.
والقتل الجماعي هو في القانون الجنائي الدولي «أم الجرائم». لكن شفارتس يقول لدويتشه فيله إنه «من الصعب البرهنة في وجه الجناة على أنهم فعلاً كانوا ينوون القضاء على المجموعة العرقية بكاملها».
والجانب المثير في هذه المحاكمة ضد طه أ. بالنسبة إلى رجل القانون من لايبتسيغ هو أنه: «لأول مرة تتعقب النيابة العامة جنحة في الخارج»، يعني أن الجنحة لم تُرتكب في ألمانيا والجناة ولا الضحايا ليس من الألمان.

الذراع الطولى للقانون الجنائي الدولي
يلعب القانون الجنائي الدولي في عمل النيابة العامة دوراً متزايداً. فعندما بدأت في الـ 4 مايو/ أيار في هامبورغ المحاكمة ضد العائدة التابعة لتنظيم «داعش» أميمة أ. البالغة من العمر 35 عاماً، ورد في لائحة الاتهام كذلك تهمة الجريمة ضد الإنسانية، لأن أرملة المقاتل المعروف في «داعش» الإرهابي دنيس كوسبيرت احتجزت في بيتها بنتا إيزيدية تبلغ من العمر 13 عاماً كعبدة.
وعندما عادت أميمة أ. في 2016 من منطقة الحرب السورية، عاشت ثلاث سنوات من دون أن تثير الانتباه في هامبورغ. ولم تكشف عنها سوى تحريات الصحفية جنان موسى من قناة «الآن» العربية بعد أن أماطت اللثام عن الأدلة الضرورية: وكانت موسى قد عثرت في سوريا على الهاتف النقال الذي كانت تستخدمه أميمة هناك، وفيه آلاف الصور والفيديوهات التي يمكن بفضلها تتبع حياة العضوة في «داعش» بسوريا.
وتهمة احتجاز عبيد تظهر أيضاً في محاكمات أخرى ضد ألمان عائدين من تنظيم «داعش»، مثلا في المحاكمة ضد سارة و. في دوسلدورف. وهذه المحاكمة تجري منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بعيداً عن متابعة الرأي العام، لأن المتهمة لم تكن في سن الرشد عندما ارتكبت الجريمة.
وكانت سارة، الشابة الألمانية النحيفة البالغة من العمر اليوم 21 عاماً، في عمر 15 عاماً عندما قررت حسب المحققين الانضمام إلى التنظيم الإرهابي في الحرب. وإلى جانب احتجاز عبيد تُتهم سارة و. بالعيش في شقق مع زوجها وأطفالها منحها إياها تنظيم «داعش».
النهب من خلال السكن
قد يبدو هذا الأمر غير مضر، لكن من الناحية القانونية يعني ذلك «النهب من خلال السكن». والفكرة هي أنه عندما يمنح «داعش» الشقق السكنية لمقاتليه، فقد توجب قبلها على السكان أن يغادروها أو قد يُقتلوا. ويتعلق الأمر بالنهب وبالتالي خرق الفقرة 9 من كتاب القانون الجنائي الدولي.

*صحفي الماني
عن موقع قنطرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة