كاظم مرشد السلوم
ما الذي يدفع احدنا لمتابعة عمل درامي يمتد لشهر كامل، او لثلاثين حلقة وربما اكثر، مضحيا بالوقت وربما ببعض الاشغال والمتطلبات، وما الذي تتطلبه هذه المتابعة، وما هي شروط العمل الدرامي الذي يمكن ان يستحوذ على متابعة اكبر عدد ممكن من جمهور المشاهدين.
في خضم جو المنافسة المستعر بين العشرات من الفضائيات العربية والعراقية وبثها للعديد من الاعمال الدرامية، يحتار المشاهد في قرار المتابعة، وينسحب قراره ربما على تفويت فرصة مشاهدة اعمال درامية اخرى مهمة تبث في نفس التوقيت.
واحد من اهم شروط نجاح العمل الدرامي واستحواذه على نسبة مشاهدة عالية، هو توفره على حكاية جذابة، ممكن ان تكون مقبولة من قبل مستويات مختلفة من المشاهدين، مصاغة ضمن حبكة درامية شيقة ، ترفع وتزيح عنها الكثير من الترهلات التي يمكن ان تسبب ضجر المشاهد منها .
ليس بالضرورة ان تكون حكاية العمل قد كتبت خصيصا لكي تتحول الى عمل درامي ، فهناك الكثير من الاعمال الدرامية اعتمدت قصصا وروايات لعدد كبير من كبار الروائيين والقصاصين . حيث يتم التعامل معها من قبل كتاب سيناريو اصحاب خبرة جيدة في مجال تخصصهم.
كذلك برز في الفترة الاخيرة عدد كبير من كتاب الدراما العراقيين والعرب، وتصدى بعضهم لكتابة السيناريو التنفيذي للعمل ايضا.
واحد من اشتراطات نجاح اي عمل هو تنفيذه من قبل فريق عمل محترف لا يستسهل مهمة التنفيذ، بل يراهن على التفرد فيه عن غيره من كوادر العمل التي تتصدى لتنفيذ اعمال درامية اخرى.
الممثل هو العامل المهم في العمل وبعض شركات الانتاج الدرامي تعتمد في نجاح وتسويق اعمالها على وجود عدد كبير من النجوم ضمن كادر العمل، كذلك فان عددا كبيرا من المشاهدين يتابع هذا العمل او ذاك لوجود نجومهم المفضلين.
شهر رمضان اصبح الشهر الاكثر وفرة من باقي شهور السنة في كم المسلسلات الدرامية التي تعرض فيه ، هذا الكم ربما يفرض اشتراطات اخرى للنجاح واستقطاب المشاهد ، تتمحور في جو المنافسة المحتدم فيه ، احد اهم سبل النجاح هو معرفة ماذا يريد المشاهد من اعمال ، خصوصا وان الاذواق تختلف ، وعلى ضوء هذا الاختلاف يختلف الاختيار ، بعض الشركات المنتجة تحاول استدراج المشاهد من خلال اعمال تتوفر على الكثير من مشاهد الاثارة والرقصات ، واغلبها يأتي توظيفه بعيدا عن تيمة العمل ، وهذا بحد ذاته سلاح ذو حدين ، فليس الجميع يرغب بمشاهدة الرقصات والاغاني ، والعكس صحيح ، لكن المراهنة عليها وعلى حساب العمل ، يؤدي بالنتيجة الى افراغ العمل عن محتواه ، وشاهدنا اكثر من عمل ينحى هذا المنحى .
في الجانب الاخر هناك كم من الاعمال الرصينة التي تعد امتدادا للأعمال الكبيرة التي سبق ان شاهدناها في مواسم سابقة، ليس في تشابه الموضوع، بل بجدية العمل والحرص على ضوابطه الدرامية، وهي اعمال تحظى بمتابعة واسعة من الجمهور.
القنوات الفضائية العراقية لا تختلف كثيرا عن القنوات العربية في موضوعة انتاج وعرض الاعمال الدرامية بل ان الشبه كبير بينها، وربما يعود السبب في محاولة دخول جو المنافسة، ويفترض ان تكون الجودة شرط لذلك فالمشاهد العربي امام كم كبير من الاعمال ومسألة اختياره لعمل او اكثر من بينها ليست بالمسألة السهلة.
ونجد ان الاعمال الدرامية العراقية تنوعت في انتاجها بين الكوميدي والدرامي متناولة مواضيع لا تبتعد كثيرا عن الموضوعات التي طرحت في اعمال سابقة، وربما يعود السبب لرغبة الجمهور بها ، كونها مازالت مواضيع طازجة ، مثل كشف خفايا ما كان يجري في اقبية سجون النظام السابق ، وبطش رجال الامن بالناس ، واعتقد ان مثل هذه المواضيع تحتمل انتاج اكثر من عمل درامي عنها ، شرط التنوع في الحكايات وعدم اجترار نفس الحكاية في اكثر من عمل .
اعتقد ان الدراما العراقي وخلال متابعة بعض الاعمال الدرامية التي انتجت هذا العام وتعرض على عدد من الفضائيات العراقية، تسير في الطريق الصحيح، خصوصا الاعمال التي احتوت على نجوم الدراما العراقية والعربية، وكذلك الاستعانة بخبرة عدد من المخرجين العربية، لان اهمية ذلك تكمن في اكتساب الخبرة في كل جوانب العمل الدرامي.
اذن شرط نجاح العمل الدرامي عراقيا كان ام عربيا مرهون بالاستجابة لاشتراطات المشاهدة التي تطالب بأعمال ترضي رغبة المشاهد، وهو أمر ليس بالهين، وبالتالي فان الكثير من الاعمال الدرامية، تمر مرورا اعتياديا دون ان تكون رغبة للمشاهد بإعادة مشاهدتها وبالتالي تركن على الرفوف، على العكس من اعمال اخرى ربما يعاد عرضها لأكثر من مرة وعلى العديد من الفضائيات، وتحظى بمتابعة الجمهور لها، والامثلة على ذلك عديدة.