القانون فوق الجميع

-1-
من أهم عوائل النجاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي الاحتكام الى المعايير الموضوعية والقانونية بعيداً عن المحسوبيات والمنسوبيات والالتفاف على الثوابت والقيم الأصيلة ، ومن أبرزها خضوع الجميع الى القوانين سواء بسواء دون تمييز وبلا محاباة .

-2-
وهذا ما سارت عليه معظم الدول المتقدمة فاذا كان شرطي المرور عندنا يتحاشى أنْ يغرّم المخالف اذا كان شخصية بارزة فان شرطي المرور في بريطانيا لا يتردد بتغريم الأمير أو الأميرة لأنهما يخضعان كسائر البريطانيين الى قوانين المرور المقررة .
ونسمع بين الحين والحين استقالة بعض الوزراء لتدخله الشخصي لصالح انجاز معاملة معينة تتعلق بصديق له مثلا ..!!

-3-
وقد قرأت مؤخراً خبر المعلّمة الدنماركية التي هي زوجة رئيس الوزراء الدانماركي ( وقد استُدعيت من قبل مدير المدرسة لمحاسبتها عما ارتكبت من أخطاء في عملها ) فسارعت المعلمة الى اصطحاب زوجها قبل المثول أمام المدير ، ولكنّ المدير لم يكترث بذلك، فحاسبها وأنهى خدماتها ،وقد علقّت بعض الصحف الدانماركية بما يعكس عدم الارتياح من مرافقة رئيس الوزراء لزوجته وما هذا الا مثال واحد من أمثلة كثيرة يصعب احصاؤها تقع على مدار الأيام .

-4-
اننا كمسلمين نقرأ في القرآن الكريم سورة كاملة من سُوَرِهِ العظيمة وهي تندد بابي لهب ، وأبو لهب عم النبيّ – كما هو معلوم – والذي أسقطه جحودُهُ وشِرْكَه واصرارُه على البقاء في عبودية الأصنام …
بينما نحن نقرأ أنَّ نبينا (ص) قال :
” سلمانُ منّا أهل البيت ”
مع انه لم يكن عربيا ولا قرشيا ولكنه كان رجلاً صالحاً ومن الصحابة الصالحين الراضين المرضيين، وهذا يعني أنَّ المبادئ والمواقف لا المحسوبيات والمنسوبيات هي التي الأساس المعتمد في التقديم والتأخير.
لقد كانت الجاهلية تعاقب الضعيف، وتحابي الشريف ..!!
وهذه هي المعادلة الظالمة، أما الرسول العظيم محمد فيقول :
” لو أنَّ فاطمة سرقت لقطعت يدها “
وحاشاها من ذلك، ولكنّه على أيةِ حال أراد التركيز على أهمية التساوي أمام القانون، فالقانون فوق الجميع .
-5-
ومن أهم أسباب تراكم المشكلات وتفاقمها في ( العراق الجديد ) هو التغاضي عما يجترحه كبار المتنفذين والسلطويين من عمليات قرصنةٍ وانتهاب للمال العام ، وعمليات استحواذ على المناصب، واستغلال بشع لها،بتقريب الابناء والاصهار والانصار واستبعاد الآخرين من ذوي المهارة والنزاهة والكفاءة …
ولن يتم الاصلاح الحقيقي للاوضاع الاّ بالرجوع الى المعايير الموضوعية ونبذ المحاصصات والمحسوبيات والمنسوبيات والتخلص من براثنها جميعاً .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة