اذا بقي مسلسل التضحية بالجنود العراقيين مستمراً بهذه الفداحة وهذا القصور الامني والعسكري ..فان اقل مايمكن ترجمته عن هذا الحدث المفزع ان العراق بات خالياً من أي معايير مهنية تعتمد قياسات انسانية ووطنية تأخذ بنظر الاعتبار حماية ارواح افراد القوات المسلحة بشتى صنوفهم امام اية اختراقات امنية او وضعهم بشكل مكشوف امام نيران العدو.
ومنذ مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها اكثر من ألفي عراقي تكشفت امامنا عيوب وثغرات البناء الوقائي للجيش العراقي وخسران كبير لسمعة قادة وضباط كبار في القوات المسلحة وقبل ايام تكرر المشهد ذاته في الانبار حيث لف الغموض مصير اكثر من اربعمائة جندي عراقي تاهت بهم السبل للنجاة بارواحهم بعد تطويقهم من قبل تنظيم داعش ولربما تتكرر مشاهد اخرى في مناطق اخرى من العراق مع فقدان اية اصلاحات وتغييرات في طريقة الاداء العسكري للقطعات العسكرية وعدم متابعة لتنفيذ الواجبات الملقاة على القيادات العسكرية الميدانية ويبدو اننا نحتاج الى قرارات عليا تصدر من اعلى الهرم لايقاف هذا النزيف المرعب في الارواح والممتلكات الذي تصلنا اخباره من قبل جنود ناجين فيما تعمد جهات سياسية وعسكرية التعتيم على حقيقة ماجرى في تلك الحوادث .. ونحن نعتقد ان معالجة مثل هذا التداعي الخطير في المنظومة العسكرية لن يكون بطريقة دفن الرؤوس او ليّ الحقائق للتخفيف من ردود الافعال وانما يكون بتشخيص مواضع الانهيار واعادة النظر بمجمل مفردات الامن الوطني والوقائي بما يمكن من استعادة الروح المعنوية لافراد القوات المسلحة واعادة ثقة الشعب باداء ومكانة الجيش العراقي ولربما اغفلت الرئاسات العراقية السياسية والبرلمان ووزارة الدفاع مدى فداحة التفريط بهذه الثقة وزعزعة الايمان في صفوف افراد القوات المسلحة مع استمرار مسلسل الانهيارات والخروقات الامنية والعسكرية …اننا اليوم احوج مانكون الى قادة عسكريين محترفين ومؤمنين بحب الوطن والذود عن حياضه يتقدمون الصفوف ويستعدون لتقديم ارواحهم قبل ارواح جنودهم لرفع الهمم واعادة احياء خصال البطولة والفداء لضباط الجيش كي يمكن من جديد رسم معالم خارطة بناء عسكرية وامنية تحرص على حماية ارواح الجنود والمتطوعين وتعالج اية اخطاء متوقعة تلقي بهم في ميادين الموت المكشوف من دون أي قوة ساندة او غطاء جوي او تأمين السلاح والعتاد الكافي لهم للدفاع عن انفسهم ونتمنى ان ينتهي اليوم الذي نسمع فيه وجود اختراقات امنية واسعة للوحدات العسكرية او تخلي ضباط كبار عن مسؤولياتهم وواجبهم المقدس او الصدود عن اية مناشدات ونداءات لانقاذ ارواح جنود ومقاتلين في خطوط المواجهات العسكرية ..وفي النهاية يجب ان يدرك الجميع ان ارواح العراقيين غالية في كل مكان وكل زمان وان حماية هذه الارواح يجب ان تكون اسمى غاية واغلى هدف في كل فصول الصراع مع الارهاب وان التفريط بها هو من سجايا الخونة والمتآمرين وفاقدي الضمير والوطنية.
د. علي شمخي
الموت المكشوف
التعليقات مغلقة