الفرقة توجهت إلى بغداد القلب النابض للاحتجاجات
الموصل _ متابعة الصباح الجديد :
ببزات حمر وأقنعة دالي الشهيرة، ادى أعضاء فرقة موسيقية محلية في مدينة الموصل على أنغام نشيد المقاومة الإيطالية الشهير «بيلا تشاو»، أغنية «ثورتهم» الخاصة دعماً لحركة الاحتجاج المتواصلة منذ أسابيع في البلاد.
منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر، تشهد بغداد ومدن جنوبية عدة احتجاجات دامية مناهضة للحكومة، أسفرت عن مقتل أكثر من 330 شخصاً، بحسب مصادر أمنية وطبية.
وقرّر أبناء مدينة الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى الشمالية، استعمال الفن لمساندة المتظاهرين الساعين إلى «إسقاط الحكومة».
في فيديو كليب انتشر سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن رؤية فنانين يرتدون بزات حمر اشتهرت في مسلسل «لا كاسا دي بابل» الإسباني الذي أنتجته «نيتفليكس».
ويعتقد البعض في العراق أن المقصود بـ»كاسا دي بابل»، مدينة بابل الأثرية جنوب بغداد التي أدرجت مؤخراً على لائحة التراث العالمي.
وولدت فكرة تعريب الأغنية إلى اللهجة العراقية لدى الفنان محمد البكري (26 عاماً) لتتحول كلمة «بيلا تشياو» (الوداع يا جميلة) إلى «بلاية جارة» (وتلفظ تشارة)، باللهجة العراقية وتعني «دون حل».
وتقول الأغنية «حلمي ما شفته، والدرس عفته، وضعيتي كفته بلاية جارة… حصتي سلبوني، اسمي نسوني، دمعات عيوني بلاية جارة (…) رزقي سلبوني، حقي باكوني (سرقوني)، متت صدقوني (…) مسؤولي ساكت، والوضع خابط، وضعيتي صارت بلاية جارة».
مخرج الأغنية عبدالرحمن الربيعي (25 عاماً) قال : الأغنية رسالة فنية للتضامن من الموصل مع المتظاهرين، ونقول لهم قلوبنا معكم».وتبدأ صور الأغنية بمشهد لميكانيكي يائس يلعب دوره البكري، أحد أعضاء الفرقة المؤلفة من 14 فناناً.
ويقول البكري وهو أب لطفلين، إنه أسس الفرقة في العام 2016، مضيفاً «اشترينا ملابس مستعملة وصنعنا أقنعة من القماش والبلاستيك وقمنا بصبغها، وصورنا في منازلنا وفي شوارع».
ويضيف الفنان الذي كان يحلم بالتظاهر في الشوارع مثل أبناء بلده، بأن «وضعاً استثنائياً يمنع أهل الموصل من التظاهر، لذا اخترنا هذه الطريقة للمساندة».
وتمثل فرص العمل والخدمات العامة ومحاربة الفساد المطالب الرئيسية للاحتجاجات التي دخلت شهرها الثاني، وتحولت إلى مطالب بـ»إسقاط النظام»، وتواجه بقمع وعنف من السلطات.
ولم يلتحق سكان المحافظات ذات الغالبية السنية في شمال العراق وغربه، بموجة الاحتجاجات، بالرغم من أن الظروف فيها ليست بأحسن من باقي المحافظات. لكن سكان تلك المناطق يقولون إن تهمة «الإرهاب» ستكون جاهزة في حقهم، خصوصاً أن محافظاتهم كانت خاضغة لسيطرة تنظيم داعش .
وأشارت السلطات في مناسبات عدة إلى أن الاحتجاجات يخرقها «مندسون». ولفت بعض المسؤولين إلى أنها «مؤامرة» تسعى إلى زرع «الفوضى».
ويرى البكري أن الشاشة هي بديل الشارع، قائلاً «بالفن، يمكننا دعم الحركة بطريقتنا الخاصة. اخترنا هذه الطريقة للمساندة، وأعتقد أنها تعبر عن رأي كل العراقيين».
وتمكنت الفرقة من إنتاج الفيديو خلال 12 ساعة فقط، وبثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي قبل أن تحجبه السلطات نهائياً وتقطع الإنترنت في معظم محافظات البلاد. وفي الفيديو المتداول، يظهر الممثلون حاملين لافتات كتب عليها «نريد عراقا موحدا» و»أريد حق أخي الشهيد» و»أريد حقي». وتعد الطالبة جيهان مزوري (23 عاماً) أن دورها في مشاهد الأغنية «هو أقل واجب وطني يمكن تقديمه لإخواني المتظاهرين السلميين» في مدن الجنوب.
وتجسد الشابة دور امرأة ترتدي عباءة سوداء وحجاباً يغطي جزءاً من وجهها، وتبدو في الفيديو كليب يائسة وهي تغني «المستقبل صار بلاية جارة».
وبعد نجاح الفيديو وانتشاره، قررت مزوري والفريق التوجه إلى بغداد، القلب النابض للاحتجاجات، للمشاركة في التظاهر.
ووصل الفريق إلى ساحة التحرير وأدوا هناك أغنية «تك تك يا أم سليمان» الشهيرة للفنانة اللبنانية فيروز، مع بعض التغييرات والتحويرات لتناسب الوضع العراقي، ليعبروا عن تقديرهم لسائقي عربات الـ»توك توك» الثلاثية العجلات التي باتت رمزاً مهماً للاحتجاجات.
ويقول الربيعي مخرج الأغنية إن العراقيين أصبحوا اليوم أكثر شجاعة، «زادت ثقة المواطن بنفسه وحبه لوطنه وعدم السكوت تجاه ما يحدث ماكو (لا) خوف بعد الآن».