المزاج السياسي العراقي

أكرم العبيدي *

يبدو ان الحكاية لا تنتهي في تلك البلاد التي مزقتها الحروب والصراعات منذ أن أطلق عليها بلاد مابين النهرين وهي مبتلات بهذا الجحيم الذي لا ينفك عنها و بمراجعة بسيطة لتاريخها نجد ان الأطماع والاحتلال والاستهانة بمواطنها سمة من سمات هذا التاريخ ألفجائعي كونها بلاداً خصبة وفيها موارد لا يمكن ان يغفل عنها القريب منها او البعيد .. وعبر التاريخ أيضا سقط المواطن في فخ حكامها حتى تحول الى كائن قابل وراض بما يحكم من دون ان يكون له رأي او تغيير واقعه الذي اجبر عليه كما اريد له او كما يقال.وكنا نأمل خيراً في التغيير الذي حصل بعد العام 2003 لكن هذا الخير انقلب الى بلاء وبلاء حقيقي من خلال سياسات من تسلم الحكم في البلاد وهم قادة اسماهم البعض قادة المصادفة هؤلاء استغلوا كل شيء ممكن في تلك البلاد لتحويل المواطن مرة أخرى الى أضحوكة تقاد حسب المزاج السياسي ومطبلا كما يريدون لكل طرح او سياق حياتي او سياسي يرغبون به متناسين ومتغافلين عن المعاناة التي يدفع فيها حياته ثمنا لكل رغباتهم وأطماعهم التي لا تنتهي.مواطن بلاد مابين النهرين بين نارين نار البلاد المستعرة ونار محبته والتصاقه بتلك البلاد وقد استغل هؤلاء الساسة هذه الثنائية خير استغلال من خلال عدم الالتفات لما اراده المواطن من خلال صناديق الاقتراع وتم الالتفاف على الدستور العراقي الحاكم الشرعي بين الجميع وحين تحول الدستور الى مجرد ورقة لاقيمة لها وتحول المواطن الى رقم لاقيمة له في الخيارات المصيرية للشعب هنا تكمن المشكلة.بالأمس فازت الارادة الحقيقية للشعب ولم تخضع لمزاجات القوميين الاسكتلند فقد حدد الشعب الاسكتلندي خياراته واختار البقاء ضمن الدولة البريطانية ولم يخضع لأمزجة السياسيين ولا للخيارات التي كانت مطروحة من قبل القلة التي تريد فرض إرادتها وقد احترم قرار الشعب أما نحن فقد تحول الشعب عندنا الى وقود لمعارك السياسيين على المناصب والوجاهة وتصدر المراكزمن دون الرجوع لرغبات الشعب الذي يدفع ثمن ذلك يومياً دماء وضحايا أبرياء.لهذا علينا ان ننبه السياسيين مرة أخرى ومن باب المواطنة الصالحة والحريصة على هذا الوطن ونقول لهم كما قال الشاعر التركي ناظم حكمت يوما ماً ..تستطيعُ أن تخدع بعض الناس ،بعضاً من الوقت ، ولكنك هيهات أن تخدع كل الناس كل الوقت..نعم قد نكون خدعنا بعض الوقت وصوتنا لكم في الانتخابات وأوصلناكم للسلطة بمقدورنا كشعب حي وحر ان نسقطكم في المقبل من الأيام ولن تستمر اللعبة الى الأبد لأننا شعب بلاد مابين النهرين.قديما قيل ان هذا الشعب واعني شعب بلاد مابين النهرين مثل العنقاء كلما احترقت تنهض من الرماد ونحن نشعر بأن خياراتكم هذه المرة هي غير صائبة وان الصراع على المناصب صراع خاسر .. بعدما استبشرنا خيراً بالحكومة المقبلة هذا الصراع يمثل خيبة أمل لنا وعليكم ان تنظروا الى الوطن الذي تحيط به المخاطر قبل ان تنظروا للكراسي والمناصب والمغانم التي ستحرق الأخضر واليابس لان العدو لا يرحم وهم أبشع خلق الله.عليكم ان تتعلموا من تجارب العالم وان تضعوا المواطن والوطن نصب أعينكم قبل كل شيء نحن ندرك كما تدركون حجم الخطر الذي يحيط بنا لهذا عليكم ان تستمعوا لصوت الناس الذي بدأ الآن بالهمس وسيأتي اليوم الذي يرتفع فيه هذا الصوت ولم يعد بإمكانكم إسكاته كونه يمثل الحق الذي يريد لهذا الوطن الأمن والأمان والعيش كما تعيش بقية الشعوب في أوطانها.لقد خذلتمونا في خياراتكم وشاهدنا جلسة البرلمان الأخيرة والفوضى التي حصلت في القاعة وعدم الاتفاق على المناصب والمغانم وسيل الكلمات التي سمعناها أعطتنا إشارة سلبية على المقبل من الأيام ومنحت المجاميع الإرهابية فرصة ونفساً جديداً لهذا هاجموا بغداد وبالتحديد مدينة الكاظمية وهي دلالة واضحة وإشارة عليكم ان تفهموها جيداً.

كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة