منذ اكتشافها في العام 1895، على يد الاخوين لومير، وثقت السينما الكثير من الاحداث العامة والخاصة، خصوصا تلك التي لها مساس بحياة الناس والمؤثرة فيها، كالحروب والاكوارث، والاحداث السياسية المهمة، هذا التوثيق كان على شكل افلاما وثائقيا خالصة، اي ان كاميرات السينمائينن كانت موجودة اثناء الحدث، وافلاما روائية، أتخذت من الحدث مادة أساسية لها ، وبنت عليه خط الفلم الدرامي.
ربما يكون الحدث الأهم الذي وثقته السينما بعد الحروب العالمية الأولى والثانية، هو سقوط الفاشية في أيطاليا، ومقتل الزعيم الفاشي « موسوليني» وماتلاه من إحداث قتل وسلب ونهب، هذا التوثيق منتج عنه فيما بعد أتجاه سينمائي جديد سمي « الواقعية الايطالية» حيث انتجت ضمنه العديد من الافلام التي اعتعمدت الوثائق الصورية ، وكذلك تأثر العديد من السينمائيين في العالم بهذا الاتجاه السينمائي، فكانت الواقعية الفرنسية ، وحتى السينما العراقية تأثرت بذلك الاتجاه السينمائي، فكان ان انتجت مجموعة من الافلام المهمة التي تندرج ضمن هذا الاتجاه مثل فلم سعيد أفندي، الجابي، الحارس، بيوت في ذلك الزقاق وغيرها.
التظاهرات التي جرت في مصر ابان ثورة الربيع العربي وسقوط نظام حسني مبارك، حظيت باهتمام السينمائيين المصريين، الذين نزلوا الى الشارع، كمتظاهرين أولا، وكفنانين يريدون ان يوثقوا الحدث أولا بأول ثانيا، ولم تمضي فترة زمنية طويلة بعد تلك الاحداث حتى ظهرت افلام روائية تتحدث عما جرى في تلك الأيام ومارافقها من أحداث دراماتيكية، مثل فلم 18 وغيرها.
الان ومع الاحداث التي تجري في العراق وخروج التظاهرات في مختلف مدن العراق، وما يرافقها من أحداث قتل واعتقال وحرق ممتلكات ودوائر الدولة، هل وثق السينمائيون العراقيون ذلك، كون هذا التوثيق مصدر مهم لدراسات وافلام مهمة قادمة ، ليس افلام عراقية فحسب ، بل ربما يستفاد منها في افلام عربةي وعالمية يمكن ان تأخذ جزءا من تاريخ العراق ضمن خطها الدرامي.
العديد من الفديوهات التي شاهدنها والتي صورت من قبل المتظاهرين وان كانت مهمة لأنها من قلب الحدث، لكنها من الناحية التقنية والفنية ليست بمستوى وكفأة مايمكن ان يصوره مصور سينمائي محترف، يعرف اين يضع كاميرته ويختار زاويته.
لاشط ان التواجد في ساحات التظاهرات يشكل خطورة على حياة المتواجدين، لكن الحصول على وثيقة سينمائية يتطلب المجازفة، لكي نحظى بوثائق تكون شهادة للتاريخ عما حدث للقادم كم الأجيال.
كاظم مرشد السلوم