اتسعت حفرة الفساد في البلاد، حتى باتت تحتاج الى أطنان من الأموال لردمها، سواء على صعيد البناء والتخطيط العمراني، ام على صعيد التنمية بكل مفاصلها الصناعية والزراعية والتقنية.
وتقارير هيئة النزاهة السنوية ونصف السنوية الدورية، تضم الاف المشاريع المتلكئة التي انفقت عليها مليارات الدولارات في السنوات السابقات في بغداد والمحافظات، وكانت مادة دسمة لوسائل الاعلام والصحف التي تناولتها على مدى أيام.
تقارير النزاهة اكدت ان الفساد الإداري والمالي كان وراء تلكؤ المشاريع، والكل يعرف هذا الامر.
ونقصد بالكل، الكتل والأحزاب والحركات السياسية التي شاركت في السلطتين التشريعية والتنفيذية، والقت بثقلها لتتكسب المغانم أينما وجدت عبر وكلائها الذين تربعوا على المناصب في الدولة، وباتوا يمررون ما يتفق ومصالحهم ويؤجلون ما الا ناقة لهم فيه ولا جمل.
والمفارقة ان الكل هذا ينادي دوما بأن الفاسدين معروفين، وان الكل نفسه يدعي بأن لديه ملفات خطيرة عن الفساد، بل ان من الكتل من حددت بالأرقام ما تمتلك من ملفات الفساد، وهددت باحالتها الى هيئة النزاهة او القضاء.
وحتى بعد ان انطلقت تظاهرات الأول من تشرين الثاني التي ما زال دخان نيرانها في الجو، تكررت النغمة ” الفاسدون معروفون”، ” الفاسدون اقلية “.
النغمة الأولى رددها محمد الحلبوسي في خطابه الموجه الى المتظاهرين، والثانية تضمنها خطاب رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي الأول للمتظاهرين.
والسؤال، ما دام رئيس اعلى سلطة تشريعية في البلاد يعرف الفاسدين، ورئيس اعلى سلطة تنفيذية حدد أنهم اقلية، اليس ينبغي ان يحال هؤلاء الفاسدون فورا الى القضاء؟
السؤال الأكثر ايلاما.. اما آن للمسؤولين سيما منهم الذين يمثلون الشعب ان يغادروا هذه اللغة المبهمة او المغلفة بالزيف اذا اردنا الدقة؟
التظاهرات الأخيرة التي كان مطلبها الأول مكافحة الفساد، كشفت او أوضحت بنحو لا لبس فيه، ان الأحزاب والكتل السياسية سيما المتنفذة منها هي التي حفرت حفرة الفساد الواسعة في البلاد، وانها التي كانت وراء تغييب الحقائق وانها التي حمت الفاسدين عبر دورات الحكومات المتعاقبة، بتخليها او تخلي الاغلب منها عن عادل عبد المهدي وتركه يواجه المدفع في احلك الظروف التي مرت بها البلاد وهي التي كانت قد دفعته الى سدة الحكم تحت شعار انه مستقل.
خطاب عبد المهدي الأول الى المتظاهرين كشف مقدار الضغوط التي تعرض اليها في تشكيل الوزارة حين طلب ان ” يلتزم ” مجلس النواب بأن يترك له الحرية في اكمال تشكيلته الوزارية، الأمر الذي يعني ان الادعاء بأن الأحزاب والكتل السياسية تركت له حرية اختيار أعضاء حكومته عار عن الصحة، وهذا ما يؤكده الخطاب نفسه والذي جاء فيه: ” من حق الشباب ان يغضبوا حين يرون استشراء البحث عن المغانم وبيع المناصب”.
ونكرر السؤالين..متى نغادر اللغة المبهمة؟ من يحيل الفاسدين الى القضاء؟
اسماعيل زاير