الصباح الجديد ـ وكالات:
أنفقت الحكومات المتعاقبة، منذ الإطاحة بنظام حكم صدام حسين في 2003، أكثر من 40 مليار دولار على قطاع الكهرباء من دون أي حلول تذكر.
والفساد يبقى هو السبب في عدم وجود حلّ لهذه المشكلة، بحسب ما أكد في مرات سابقة مسؤولون محليون لوسائل الإعلام، خاصة أن العراق تحوّل لواحد من أكثر البلدان فساداً في العالم، بحسب ما يذكر مؤشر مدركات الفساد الذي يتبع منظمة الشفافية العالمية.
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي تقلّد منصبه في تشرين الأول الماضي، يدرك جدياً خطورة ملف الكهرباء، لا سيما أن سلفه السابق، حيدر العبادي، كادت الاحتجاجات الشعبية أن تطيح به، الصيف الماضي؛ نتيجة قلة الخدمات الأساسية الموفَّرة للمواطنين.
ويعد انقطاع الكهرباء الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات بالمدن العراقية، في تموز الماضي، منطلقة من البصرة (جنوب)، إذ قُتل فيها 14 شخصاً نتيجة اشتباكات مع قوات الأمن، فضلاً عن إصابة أكثر من 700 من أفراد الأمن والمتظاهرين، اضافة إلى اعتقال المئات، بحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البلاد.
وأضاف إن «المشكلة تفاقمت بعد عام 2003؛ بسبب تهالك محطات التوليد القديمة، وما زاد من تفاقمها حصول عمليات التخريب خلال السنوات الماضية، التي طالت محطات التوليد والأسلاك الناقلة للطاقة، لتزداد على أثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين».
ونتيجة للأحمال الزائدة، بحسب ما يصرّح به مختصون في وزارة الكهرباء العراقية، تزداد ساعات انقطاع الكهرباء في فصل الصيف، لتصل في بعض الأيام ساعات القطع إلى 20 ساعة في اليوم.
الراوي أشار في حديثه إلى «دراسة أجرتها الوزارة قدّرت الطلب على الكهرباء بنحو 57 ترياواط/ ساعة عام 2010، في حين لم تتمكن البلاد من إنتاج أكثر من 33 ترياواط/ ساعة فقط، وهو ما يشكّل 58٪ من الحاجة الكلية».
وذكر أن «الدراسة توقعت أن ينمو الطلب على الاستهلاك ليصل إلى 170 ترياواط/ ساعة بحلول عام 2035؛ بسبب النمو السكاني والاقتصادي».
الخبير في قطاع الكهرباء أكد أن «وزارة الكهرباء تسعى هذا العام إلى تطوير قطاعات الإنتاج بنسبة تتراوح بين 10% إلى 20%».
واستطرد قائلاً: إن «هذه النسبة ستستمر على مدار السنوات الأربع المقبلة، وصولاً إلى إنهاء الأزمة بنهاية فترة الحكومة الحالية (أكتوبر 2022) في حال عدم تعثّر الخطط بسبب المشكلات السياسية والأمنية في البلد؛ التي يُعزى لها تعثّر خطط التطوير بشكل مستمر».
استيراد الكهرباء
الخلل المتزايد ما بين استهلاك وإنتاج الطاقة الكهربائية، وارتفاع ساعات القطع صعوداً ونزولاً بحسب فصول العام؛ أدّى إلى اعتماد الأهالي على مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية، إذ تغطّي هذه المولدات في فصل الصيف جزءاً من الخلل، في حين تكاد تغطي كامل ساعات القطع خلال الشتاء، كما دفع الخلل الحكومة إلى استيراد الكهرباء من دول الجوار، وخصوصاً من إيران، وهو ما يساعد على زيادة ساعات التجهيز.
وتزوّد طهران العراق بالكهرباء بواقع 1300 ميغاواط، عبر أربع خطوط؛ هي خط (خرمشهر – البصرة)، و(كرخة – العمارة)، و(كرمنشاه – ديالى)، و(سربيل زهاب – خانقين).
وكانت إيران أوقفت تصدير الكهرباء للعراق، في كانون الثاني الماضي؛ ما تسبب بأزمة في المحافظات الجنوبية، وجاء وقف إيران تصديرها الكهرباء إلى العراق نتيجة تأخر سداد ديون بغداد المتراكمة، البالغة ملياري دولار.
وزارة الكهرباء، وبعد حلّ أزمة الديون المتراكمة، أعلنت تجديد عقد استيراد الطاقة الكهربائية من إيران لمدة عام، بالرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، التي ترفض بغداد أن تكون جزءاً منها.
الوزارة أشارت في بيان إلى أن «تجديد عقد استيراد الكهرباء مع شركة توانير الإيرانية جاء بناءً على المباحثات التي أجراها وزير الكهرباء العراقي، لؤي الخطيب، خلال زيارته لإيران، في 6 شباط».
وبالرغم من أن بغداد جددت عقود التزوّد بالكهرباء مع طهران، فإن هذه العقود تنص على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حصل نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت، بحسب الخبير الاقتصادي زياد اللهيبي.
الحد من الأزمة
اللهيبي قال إن «ما تقدمه إيران للعراق من كهرباء في مقابل مليارات الدولارات، منذ سنوات، لن يوقف معاناة نقص الكهرباء»، مؤكداً أن «هذه القضية أصبحت ورقة ضغط بيد إيران، لذلك عرقلت عبر مؤيّديها في العملية السياسية بناء محطات الكهرباء؛ لتبقى ممسكة بهذه الورقة الحساسة بغية استخدامها ورقة ضغط حين تشعر أن مصالحها باتت مهددة».
وأضاف: «كنّا نأمل خلال السنوات الماضية أن تؤسس الحكومة محطات متطورة جديدة لإنتاج الكهرباء لسد الحاجة المحلية وبيع الفائض إلى من يحتاج إليه من جيران العراق».
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن «الحكومات العراقية المتعاقبة أنفقت 40 مليار دولار أمريكي على الكهرباء، وبهذا المبلغ كان من الممكن شراء أصول شركات كهربائية كاملة، مثل سيمنز الألمانية».
اللهيبي ذكر أن «تكلفة محطة كهربائية بخارية تبلغ 300 مليون دولار أمريكي، وأن 10 محطات منها كافية لإنتاج 3 آلاف ميغاواط»، مستدركاً: إن «القوى السياسية المؤيّدة لطهران تريد أن تساعد إيران في ظل حصارها، ولذلك تغضّ الطرف عن إنشاء محطات محلية».
يشار إلى أن هذه الأزمة أطاحت بوزير الكهرباء السابق، قاسم الفهداوي، صيف العام الماضي، بعد أن فقدت منظومة الكهرباء 50% من إنتاج محطاتها؛ بسبب خروج 5 خطوط لنقل الطاقة الكهربائية ذات الضغط الفائق عن الخدمة في المنطقتين الجنوبية والشمالية، وهو ما أدّى إلى خروج آلاف المواطنين في احتجاجات شعبية واسعة شملت محافظات عدة.
*عن موقع «الخليج أونلاين»