تحت ضغوط أميركية..
الصباح الجديد ـ وكالات:
يحاول “العراق” ربط شبكة الطاقة بجيرانه العرب، وتعزيز قدرتها الخاصة وسط ضغط من “الولايات المتحدة”، إذ يسعى لربط شبكة الكهرباء الخاصة به بمنافسي “طهران”، العرب، وتطوير بدائل لواردات “الغاز الطبيعي” الإيرانية.
وانتقد المسؤولون الأميركيون، الذين يحاولون عزل “طهران” دبلوماسيًا واقتصاديًا، علاقة “العراق” العميقة القائمة على إمتداد الطاقة من “إيران”. ومع ذلك، فقد منحت “الولايات المتحدة”، “العراق”، إعفاءً نادرًا من العقوبات، خوفًا من غرق معظم البلاد في الظلام من دون طاقة “طهران”، ولكن أيضًا لأن “بغداد” وعدت بكسر عادة التقارب الإيرانية.
الربط بـ“التعاون الخليجي”
ويستمد “العراق” ما بين 30% و40% من إمدادات الطاقة من الكهرباء الإيرانية و”الغاز الطبيعي”، وتمثل واردات الكهرباء ما يقرب من ربع هذا المجموع.
ولكن يؤكد مسؤولون عراقيون أنهم أحرزوا تقدمًا في تقليص عددهم.
وفي الأشهر التسعة الماضية، عزز “العراق” توليد الطاقة الخاص به؛ بنحو 3.5 غيغاوات، وهو ما يكفيل إضاءة ما يقرب من مليوني منزل. ولدى “بغداد” أيضًا اتفاقات سريعة المسار ستمكن “العراق” من البدء في إستبدال الطاقة الإيرانية عن طريق استيراد الكهرباء من دول “مجلس التعاون الخليجي” مثل؛ “المملكة العربية السعودية”، عبر “الكويت”، في غضون 10 إلى 12 شهرًا.
ووفقًا لصحيفة (وول ستريت غورنال) الأميركية، قال وزير الكهرباء العراقي، “لؤي خطيب”، في مقابلة؛ إنه بعد ثمانية عشر شهرًا من الآن، يمكن لـ”العراق” أيضًا استيراد الكهرباء من “الأردن”.
وقال “خطيب”: “لا يهمني ما إذا كانت هذه ميغاوات تأتي من السعودية، أو من إيران، أو من الأردن؛ طالما أنها تقدم أفضل عرض تجاري لي”. “لن أستورد من دول مجلس التعاون الخليجي إذا لم يكن عرضهم منافسًا بدرجة كافية مع الإيرانيين”.
وبعد سنوات من الإعتماد على “إيران” كمورد للطاقة في “العراق”، قد يستغرق إستبدال 28 مليون متر مكعب من “الغاز”، الذي يستورده “العراق” من “إيران” كل يوم، وقتًا أطول. وقال “خطيب”: “سأكون صريحًا للغاية: نحن بحاجة إلى ثلاث إلى أربع سنوات”.
واشنطن لن تنتظر كثيرًا
ويدرك المسؤولون الأميركيون التحديات التي تواجه “العراق”، لكنهم يقولون إنهم لن ينتظروا إلى الأبد. لقد أبقوا على إعفاءات الجزاءات مؤقتة، شريطة تجديدها على خطوات ملموسة بشأن تقليل إعتماد “العراق” على واردات الطاقة الإيرانية. يتضمن ذلك تقدمًا في العديد من مشاريع “الغاز” المصاحب لـ”النفط”. وقد حددت الإدارة الأميركية إن التنازل عن العقوبات مرهون بالتجديد في تشرين أول 2019.
وقال دبلوماسي أميركي: “ما نأمل أن نراه هو دليل على أن الحكومة العراقية تتخذ خطوات للبدء في التحرك نحو الاستقلال في مجال الطاقة، إذ ليس من المنطقي بالنسبة لدولة لديها موارد الهيدروكربونات في العراق أن تستورد الغاز الطبيعي من أحد الجيران”.
وقال مسؤول عراقي إن “الولايات المتحدة” ضغطت على “بغداد” لربط “العراق” بشبكة الكهرباء في دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ لمساعدته على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في أشهر الصيف. وأضاف مسؤول في “وزارة الخارجية”؛ إن الحكومة الأميركية بالرغم من ترحيبها بإجراءات “العراق”، لكن “الولايات المتحدة” لم تسهلها.
وروجت “المملكة العربية السعودية” لمثل هذه الخطة، منذ عام 2011، عندما ربطت دول “مجلس التعاون الخليجي” الست؛ شبكات الكهرباء الخاصة بها. وقال مسؤولون سعوديون أنه في المقابل كانت ستحصل المملكة على موارد “الغاز” في “العراق” عبر نظام خط أنابيب.
وقال المسؤول بـ”وزارة الخارجية الأميركية”، إن “الولايات المتحدة” ترى أن ربط “شبكة الأردن” بـ”شبكة العراق” أمر واعد؛ لأن “الأردن” يتمتع بطاقة زائدة، لكن قد يستغرق الأمر سنوات بعد التحديات اللوجيستية ولاحتياجات الاستثمار الكبيرة.
إيران ترفض
ورفض المسؤولون الإيرانيون الجهود الأميركية؛ وحاولوا الحفاظ على استمرار أنظمة الطاقة في “العراق”.
وأعلنتا، “إيران” و”العراق”، هذا العام، عن اتفاق للحفاظ على تدفق الكهرباء وأقترحت محطة جديدة للطاقة الإيرانية الصنع في “العراق”.
ورفض “حميد حسيني”، الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية، ومقرها “طهران”، خطط الطاقة المقترحة من قِبل “الرياض”؛ ووصفها بأنها غير واقعية. وأضاف السيد “حسيني” إن أي اتصال بالطاقة بين “العراق” ودول “مجلس التعاون الخليجي” سوف يمر عبر منطقة غير آمنة بفعل نشاط (داعش) في داخلها.
وضغطت “الولايات المتحدة”، بشكل مكثف، على “العراق” لمنح عقود لشركات أميركية لتحسين بنيتها التحتية والاستفادة بشكل أفضل من “الغاز الطبيعي”، بما في ذلك شركة “جنرال إلكتريك”، التي توفر التكنولوجيا المستخدمة لتوليد 50% من إمدادات الطاقة في البلاد.
اتفاقيات أميركية
في تموز 2019، وقعت “وزارة النفط العراقية” اتفاقية مع شركة الطاقة الأميركية، “هاني ويل انترناشونال”، لزيادة إنتاج “الغاز” في خمسة حقول نفطية في “البصرة” إلى 600 مليون قدم مكعب. وفي نيسان الماضي، منح “العراق”، شركة “سيمينس إيه. جي”، ثلاثة عقود تبلغ قيمتها نحو 700 مليون دولار لتوليد الطاقة وإعادة تأهيل وتحديث المنشآت القائمة وتوسيع شبكات النقل والتوزيع. كانت تلك هي المرحلة الأولى في خارطة طريق تقدر قيمتها بنحو 14.5 مليار يورو، (16.1 مليار دولار)، لإصلاح قطاع الطاقة في “العراق”.
أكدت الصحيفة الأميركية على؛ أن الإدارة الأميركية تضغط بحملة لتحويل “العراق” عن القوة الإيرانية في لحظة تُعد صعبة بالنسبة لـ”بغداد”، إذ أن البلاد غير قادرة على تلبية احتياجاتها من “الكهرباء” حتى مع الواردات من “إيران”.
ولا يزال إنقطاع التيار الكهربائي شائع، خاصة في فصل الصيف، عندما تصل درجات الحرارة إلى 120 درجة فهرنهايت. ويرتفع الطلب المحلي على الطاقة في “العراق” بنحو 7% سنويًا، مدفوعًا بالنمو السكاني السنوي البالغ مليون نسمة.
وأثارت موجة من إنقطاع التيار الكهربائي، في الصيف الماضي، احتجاجات في مدينة “البصرة” الغنية بـ”النفط”، والتي أصابت معظم جنوب البلاد بالشلل.
وقال “روبن ميلز”، الرئيس التنفيذي لشركة “قمر” للطاقة والمدير التنفيذي السابق لشركة “رويال داتش شل” في الشرق الأوسط، إنه يجب على “العراق” أولاً معرفة كيفية تلبية احتياجاته الحالية من الطاقة. ذاكرًا السيد “ميلز”: “والخطوة الثانية ترتكز على الإمدادات الإيرانية”.
إنقطعت الكهرباء ثلاث مرات، خلال مؤتمر عُقد مؤخرًا حضره السيد، “ميلز”، في قطاع الطاقة في “بغداد”.
وقال “خطيب”، أحد الوزراء العراقيين الذين تم اختيارهم على أساس مهاراتهم الفنية وليس صلاتهم السياسية، إن المظاهرات التي جرت هذا الصيف هدأت نسبيًا، بفضل تحسينات البنية التحتية حول “البصرة”.