قصة ماء بغداد.. العاصمة تتسع والماء يشح … (الحلقة الثانية)

تساؤلات ضاغطة وإجابات شافية !

د. صابر العيساوي

يُعدُّ إنتاج الماء الصالح للشرب وإيصاله إلى المواطن ضمن حدود العاصمة واحداً من أبرز مهام وواجبات أمانة بغداد. وبعد تسنّمي منصب أمين بغداد في نهاية عام 2005، كانت معالجة الشحة في إنتاج ماء الشرب على رأس أولوياتي، والأمر الذي جعل من إنتاج الماء أولوية تفرض نفسها بقوة هو عدم تنفيذ أي مشروع للماء الصافي في مدينة بغداد منذ ثمانينات القرن الماضي، حيث كان آخر المشاريع المنجزة في بغداد هو مشروع ماء الكرخ الذي تم تنفيذه ثم افتتاحه عام 1985.
لقد شهدت بغداد في النصف الثاني من عقد الثمانينيات وخلال عقد التسعينيات وما تلاه تمدداً أُفقياً، وتوسعاً سكانياً، وزيادة ملحوظة في عدد نفوسها، وهو ما يتطلب تطوراً في الخدمات يتسق مع تلك المتغيرات، ويستجيب لها، وهو أمر طبيعي في حياة المدن الكبرى.
كانت المعادلة شديدة الوضوح، لكنها، في الوقت ذاته، شديدة التعقيد، إذ أن هناك زيادات كبيرة في استهلاك ماء الشرب بسبب زيادة عدد المستهلكين، يقابل ذلك توقّف إنجاز مشاريع انتاج الماء، بعبارة اخرى، فإن الأفواه بدأت تتسع، والماء راح يشح، والنتيجة الحتمية لتلك العلاقة العكسية بين الماء ومستهلكيه هي أن النقص بدأ يتفاقم ويتعمق حتى زاد على مليون متر مكعب يومياً.
لقد تركزت شحة المياه في جانب بغداد الرصافة، ورافقتها حاجة ضاغطة لتجديد الكثير من شبكات الماء في مناطق ومحال العاصمة، فضلا عن ايصال الخدمات للمناطق غير المخدومة بهذه الشبكات.
ولمعالجة ذلك الشح المتفاقم وضعنا خطة متكاملة ارتكزت على التعاقد وإنجاز عدد كبير من المشاريع منذ الأيام الأولى لتسنمي منصب أمين بغداد، وقد كانت حصيلة ذلك الجهد وثمار تلك الخطة زيادة في كميات ماء الشرب في بغداد بلغت أكثر من مليون ونصف المليون متر مكعب يومياً.
استطيع القول، وبثقة، ان بغداد تحولت بفضل تلك المشاريع من مدينة عطشى إلى عاصمة تنعم بفائض مائي؛ ومع الزيادات الهائلة في إنتاج الماء تم تجديد الشبكات الناقلة له لعشرات المحال السكنية مع خدمة أغلب المناطق غير المخدومة.

مشاريع الماء التي تم التعاقد عليها والتي أنجزت هي:

  1. مشروع التوسيع الثاني لمشروع ماء شرق دجلة بطاقة (180) ألف مترمكعب/ يوم شمال الاعظمية.
  2. تجهيز ونصب وتشغيل مشروع ماء الكاظمية بطاقة (112.5) ألف متر مكعب / يوم لتجهيز منطقة الكاظمية والعطيفية والمناطق المجاورة بالماء الصافي.
  3. تنفيذ مشروع ماء الصدر في كسرة وعطش بطاقة (90) ألف متر مكعب / يوم ليكون أول مشروع ينفذ ضمن حدود مدينة الصدر منذ تأسيس المدينة.
  4. تجهيز ونصب وتشغيل مشروع ماء البلديات بطاقة ( 225) ألف متر مكعب / يوم لتجهيز مناطق الصدر والبلديات والمناطق المجاورة بالماء الصافي.
  5. تشغيل مشروع ماء الرصافة بطاقة إنتاجية (910) ألف متر مكعب / يوم ليغذي مناطق شرق القناة ومدينة الصدر وقاطع بغداد الجديدة والغدير والشعب للقضاء على شحة الماء الصافي في تلك المناطق.
    وهذا المشروع يعد أكبر مشروع ماء في العراق والمنطقة.
  6. تحسين وتوسيع مشروع ماء الرشيد في معسكر الرشيد بطاقة (60) ألف متر مكعب / يوم لخدمة منطقة الزعفرانية والمناطق المحيطة بها، وهذا المشروع لم يكتمل إلى حد الآن بسبب سحب العمل من الشركة لانتهاء الوقت المحدد بالعقد عام 2014.
  7. إنجاز وتشغيل الخزان الأرضي (R5) في منطقة النهضة بطاقة خزنية مقدارها (75) ألف متر مكعب لتغذية مناطق الرصافة (مركزالرصافة – شارع فلسطين) لتأمين كميات كبيرة من المياه لهذه المناطق وإعادة تعقيم المياه المنتجة للحفاظ على نوعية الماء المجهز.
  8. إنجاز وتشغيل الخزان الأرضي R7 في منطقة المشتل بطاقة خزنية مقدارها (120) ألف متر مكعب لتغذية مناطق المشتل والعبيدي والبلديات ومناطق شرق القناة لتأمين كميات كبيرة من المياه لهذه المناطق وإعادة تعقيم المياه المنتجة للحفاظ على نوعية الماء المجهز.
  9. إنجاز وتشغيل الخزان الأرضي (R14) في منطقة مدينة الصدر (الحبيبية) بطاقة خزنية مقدارها (110) ألف متر مكعب لتغذية مناطق مدينة الصدر لتأمين كميات كبيرة من المياه لهذه المناطق وإعادة تعقيم المياه المنتجة للحفاظ على نوعية الماء المجهز.
  10. إنجاز وتشغيل الخزان الأرضي (R3) في منطقة الصدر (كسرة وعطش) بطاقة خزنية مقدارها (120) ألف متر مكعب لتغذية مناطق أطراف مدينة الصدر وبالأخص القطاعات الأخيرة لتأمين كميات كبيرة من المياه لهذه المناطق وإعادة تعقيم المياه المنتجة للحفاظ على نوعية الماء المجهز.
  11. إنجاز وتشغيل الخزان الأرضي (R9) في منطقة الجادرية بطاقة خزنية مقدارها (30) ألف متر مكعب لتغذية مناطق الجادرية والكرادة لتأمين كميات كبيرة من المياه إلى منطقة الكرادة وإعادة تعقيم المياه المنتجة للحفاظ على نوعية الماء المجهز.
  12. إنشاء عشرات الكيلومترات من الخطوط الناقلة الرئيسة لنقل المياه من المشاريع (الواردة أعلاه) وإيصالها للخزانات الأرضية وللمناطق المختلفة.
  13. تجديد الشبكات القديمة لعشرات المناطق والمحلات في مدينة بغداد.
  14. خدمة أغلب المناطق والمحلات غير المخدومة بشبكات ماء صالح للشرب.
    وفق ما ورد أعلاه، فأني أود أن إيضاح الحقائق التالية:
    أولاً: لم يكن قبل عام 2006 مشروع ماء خاص بمدينة الصدر، وفي وقتي نفذت أربعة مشاريع خاصة بالمدينة والمناطق المحيطة أو المرتبطة بها بالإضافة الى استفادتها من مشروع ماء الرصافة الكبير.
    ثانياً: لم يسبق أن نفذ مشروع ماء خاص بمدينة الكاظمية، وفي عهدي تم تنفيذ مشروع ماء الكاظمية في منطقة العطيفية لتعزيز تجهيز الماء للمدينة وخاصة في أوقات الذروة كالمناسبات الدينية.
    ثالثاً: بعد استقالتي لم يتم التعاقد على أي مشروع جديد لإنتاج الماء أو لتحسين توزيع المياه كالخزانات الارضية ولسبع سنوات.
    رابعاً: بهذه المشاريع أعلاه، ولوجود فائض بالإنتاج، أصبحت أمانة بغداد قادرة على تجهيز بعض مناطق بغداد الواقعة خارج حدود العاصمة في بعض مناطق الأقضية الأطراف لمحافظة بغداد.
    خامساً: مشروع ماء الرصافة الأكبر في العراق والمنطقة سيتم تناوله في مقال مستقل كقصة نجاح بدء من توفير التخصيص المطلوب وتهيئة وثائق المشروع للتعاقد والتنفيذ ومن هي الشخصيات التي كان لها الدور الأبرز في نجاحي بالتعاقد على هذا المشروع ليكون قصة نجاح، ولكن مع الأسف في نهايتها غصة فساد حدثت في زمن الحكومة السابقة.
    سادساً: مشروع واحد لم يكتمل إلى حد الان إلا وهو مشروع تحسين وتوسيع ماء الرشيد قرب الزعفرانية، إذ تم سحب العمل من الشركة المنفذة عام 2014، ولم تحرك أمانة بغداد ساكن ولخمس سنوات وكأن الحياة توقفت إذ كان على أمانة بغداد أن تقوم إما بمنح فرصة للشركة لإكمال المشروع ، وخاصة انها شركة ممتازة ومجربة بأعمال سابقة قد نفذتها مثل مجسر الطالبية ، أو قيام أمانة بغداد بإكمال المشروع على حساب الشركة، لكن غياب الإرادة وغياب الحرص واللامبالاة منعت إنجاز هذا المشروع المهم لمنطقة الزعفرانية والمناطق المجاورة لها.
    سابعا: المبالغ المصروفة على المشاريع أعلاه زادت على الملياري دولار وهي تمثل أكثر من ثلث موازنات الأمانة لسبع سنوات ( فترة إشغالي المنصب ) وجميع الأموال من ميزانية الحكومة العراقية عدا مشروع ماء الصدر كان تمويله أمريكي.
    ثامناً: قد تحصل شحة هنا أو هناك أسبابها آنية مثل انقطاع الكهرباء أو التلاعب بأقفال الخطوط الناقلة الرئيسة أو التجاوز عليها أو مشاكل في التوزيع وغيرها من المعوقات أو المشاكل الآنية ، بالمتابعة اليومية يمكن حلها .

ومن الله التوفيق..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة