هاني حبيب
تنطلق العملية الاستيطانية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، من منطلق أن الضفة الغربية المحتلة بما فيها العاصمة القدس «أرض إسرائيل لشعب إسرائيل» وبالتالي فرض القانون الإسرائيلي عليها وضمها بنحو شامل ونهائي وذلك تنفيذاً للأمر الإلهي، حسبما يفسر قادة إسرائيل التوراة، العملية الاستيطانية الإسرائيلية هذه، لا تعترف بأن هناك أي شكل من أشكال الاحتلال، وتعتبر أن حرب 1967، قد أعادت هذه المناطق التي كانت محتلة من الفلسطينيين العرب إلى أحضان الدولة العبرية، وما تحقق خلال حكومات نتنياهو المتلاحقة خلال السنوات الماضية في سياق العملية الاستيطانية هذه، يشكل دولة المستوطنين في الضفة المحتلة في إطار «الدولة اليهودية» ولا يهم فيما إذا كان ذلك في سياق ادعاءات دينية أو مسوغات سياسية، أو ذرائع أمنية.
خلال أسبوع واحد، عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر «الكابينيت»، عدة اجتماعات، تبين أنها حول الترويج لأفكار جديدة تقدم بها رئيس الحكومة نتنياهو، حول خطط لبناء استيطاني توسّعي جديد في المنطقة «ج» مع السماح للفلسطينيين بالبناء في هذه المنطقة التي كانت تخضع للإدارة الإسرائيلية وفقاً لاتفاق أوسلو، قبل القرار الفلسطيني بوقف العمل بهذه الاتفاقات، هذه الخطة تقضي ببناء 6000 وحدة للمستوطنين، مع 700 وحدة سكنية للفلسطينيين، ففي ظل الاحتلال، فإن الفلسطيني مرغم على البناء وفقاً لتصريح بذلك من قبله. إن «السماح» للفلسطيني بالبناء على وطنه وفي أرض أجداده، وفقاً لهذه المسرحية الهزلية يعتبر أشد إيلاماً على النفس الإنسانية، لكن مع ذلك، ولذلك، هذه إحدى أهمّ سمات الاستيطان الاستعماري الكولونيالي، الذي لم ينبثق منه أي انموذج، إلاّ الانموذج الاحتلالي الإسرائيلي.
توقيت هذا النقاش، حول الخطة الترويجية للاستيطان في الضفة الغربية، خاصة المنطقة «ج» له علاقة في الغالب، بخطة ترامب التي سيحملها من جديد جاريد كوشنر مستشاره إلى الدولة العبرية بعد أيام قليلة، توطئة لملف ضم الضفة الغربية، في سياق شروط معينة، إلى الدولة العبرية. هذه الخطة التي يقال إن جولة كوشنر إلى المنطقة، بداية من إسرائيل، ستطلق ما تبقّى من خطة ترامب بعد الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وإزاحة ملف اللاجئين الفلسطينيين من سياق ملفات التفاوض.
إنها خطة ترويجية مخادعة، بحيث يبدو الأمر وكأن الاحتلال يضع بالاعتبار حاجة المواطنين الفلسطينيين إلى البناء في هذه المنطقة، أسوة بالمستوطنين الإسرائيليين، شيء من العدل والمساواة التي من الممكن أن ينظر إليها الرأي العام الدولي كشكل من أشكال الاحتلال الجميل المتسامح من ناحية، ويضفي على مخطط ضم الضفة الغربية، شيئاً من المنحة الاحتلالية كترجمة لما سبق وأن أشار كل من كوشنر وغرينبلات، بأن هناك في الخطة ما يرضي الفلسطينيين؟! ولعلّ هذه الرشوة الصغيرة، ما عناه كل منهما لإقناع الفلسطينيين بحسنات ضم الضفة الغربية، بعد القدس إلى دولة الاحتلال.
حتى هذه الرشوة الصغيرة، والترويج المسرحي للخطة، أوسعت نتنياهو كيلاً من الإدانات والشتائم من قبل المستوطنين و»الليكوديين» واليمين وبعض «اليسار»، كون هذه الخطة، تلحظ الموافقة على تحسينات كوشنر على خطة الضم!
جريدة الايام