عباس ثائر
1 –
كنّا نفهمُ الحياةَ أرجوحةً
تهزُّها الطّفولة بالضّحكاتِ
وكشعور مباغتٍ في النُعاس
قطعت الحكمةُ خيوطَها
يا لها من مرارةٍ
أن يستيقظَ المرءُ من أحلامِه
مالئاً يديْه بالفراغ!
يا لها من مرارة
أن تكونَ نطفة في صلبِ رجلٍ
قتل أخاه، ثمّ تكونُ.
ليكون لك أبناءٌ، يصبحون أباءً
وهكذا تصبح العائلةُ معملاً
لصنع القتلة.
في الأمس، هشّم قابيل
رأس أخيه؛ فماتَ آدمُ
كيف مات، هل حُزناً؟
الآباءُ يموتون بطرق
لا تشبهُ موت الآخرين
حوّاءُ اكتفتْ بالجنون موطناً
فصار إرثاً للنّسوة اللّاتِي استبقهنَّ
أبناؤهنَّ!
أمّا الغراب فتنكّرَ لحكمته
فضحَ سوْأة أخينا
وعيَّرَ الإنسان بالذُّلّ
هابيلُ بلا قبر
قابيلُ يُعلّم أبناءَهُ
طرائق الموت والتّوبة
حوّاءُ، بثوبٍ ممزّقٍ، يطاردُها
الأطفالُ في الأزقّةِ
آدمُ مرميٌّ على أرصفةِ الذّاكرةِ
قابيلُ، هذا الضّلعُ لآدمَ
أقتلتَ أباكَ؟!
2 –
ظلّ طريقه؛ فأكلوا لحمه.
أخبر رجلاً أساءَ الظنّ بذاكرةِ قدميه:
كان يهب المحطات التي ينزل بها
والأشياء التي تتسلقّه شيئاً من نظراته المسرفة
وها هو الآن ينزل في آخرِ محطة أعمى
اتكأ على قليلِ ذاكرته
قال لرجلٍ يرى إن الكلامَ يفوقه الصمت: ليس الميتون أعمقَ موتاً من الأحياء
في أعين الموتى،
ليس الموت أدفق جرياناً في صدور الراحلين، من الموت في قلوب الضالين هنا
نسي طريقه القديم..
لكنه سلك طريقاً آخر
طريق أقرب للولادة من الموت
3 –
أتعرف ما تناله الأعين
الأعين فقط؟
- الأشياء التي تعجز
الذات تحقيقها
عندما تُقصّر المواعظ يداً ما
لا تصل!
النظر سبّاقٌ، كثيراً ما يصل وحده
عندما يتأخر المرء أو ينسى.
العين، لا تكُف.
الإنسان، لا يشبع عينه سوى التراب