الغوث الأممي

لا أثر لفرسان السيادة الوطنية، من الذين أدمنوا إقامة الكرنفالات والاستعراضات البائسة على خطى صناع القادسيات و (أم المعارك) وغير ذلك من مآثر الأمة التي أدهشت سكان القرية الكونية؛ بمشهد ظهور الخليفة في ثاني أكبر المدن العراقية. اليوم اصطف الجميع ومن شتى الأزياء والبيارغ والرطانات خلف راية التحالف الدولي لمواجهة فردوس الامة المسلح على تضاريس العراق والشام (الدولة الاسلامية)، ولم يُخفِ غير القليل منهم؛ رغبته الجامحة في عدم اقتصار التدخل الدولي لمحاربة هذا الوباء على الضربات الجوية، بل توسيعه الى مشاركة القوات البرية للاجهاز تماماً على قواعد هذا العدو الذي هدد أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم. وحول طلب الغوث الاممي وأهميته الملحة، لا يمكن ان يتناطح كبشان، خاصة بعد سقوط لافته (قدرتنا على إدارة الملف الامني) والتي انتشرت في كل الشوارع والميادين بعد (الخروج المذل لقوات الاحتلال) و (شكراً للمفاوض العراقي) وغير ذلك من العبارات المعبرة عن شيزوفرينيا لا علاج لها.
إنّ طلب المساعدة من الدول والجهات القادرة على تقديمها، لا يعني الضعف والاستسلام دائماً، بل يمكن أن يكون التردد في هذا الامر، والاصرار على التشبث بعروة الغرور والتبجح الاجوف، هو من يفضي الى مواجهة مصائر لا تحمد عقباها، كما حصل لنا في هرولاتنا الاخيرة خلف فرسان المقاومة والتحرير وغير ذلك من اللافتات المفصولة الجذور.
إن التجربة المريرة لأكثر من عقد على حقبة التغيير، أكدت لكل الذين ما زالوا يقبضون على شيء من التوازن الوجداني والعقلي، حجم الفواتير الباهظة التي اضطررنا لدفعها، جراء هيمنة الزعامات الديماغوجية والمتخلفة على القرار السياسي والاداري في هذا الوطن المنكوب. في البلدان التي وصلت لسن التكليف الحضاري، يصعب ان تمر مثل هذه السياسات والقرارات البعيدة عن المسؤولية والحكمة، وان مرت فلن يكون ذلك من دون حساب. لكنها ومع مثل هذه المناخات الشاذة واجوائها الغرائبية، لا أحد يلتفت لكل هذه المآسي التي خلفتها فزعاتهم واهازيجهم البائسة، والاشد ألماً؛ ان الزعامات والجماعات ذاتها تمتطي موجة الاندفاعات الجديدة، من دون أي وجع من قلب أو ضمير.
ان ما يحصل في المشهد الراهن، خاصة بعد انحدارنا السريع لحافات الهاوية، والاتفاق الوطني الشامل على طلب الغوث الاممي، يؤكد ضرورة اعادة النظر بوجود هذه الكتل والجماعات التي تلقفت زمام الامور بعد التغيير، ووضع اسس جديدة وباشراف المجتمع الدولي بعد ان كشف الجميع عن نوع بضائعه القاتلة والمتنافرة ومصالح الوطن والناس في العيش كبقية الامم التي اكرمتها الاقدار بشرائع لا تجيد قطع الرقاب وتلغيم الاجساد البشرية وبيع النساء واستعباد الاطفال وتخصيب الكراهة والاحقاد..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة